حزب التجمع الجزائري يعقد اجتماعا لمكتبه الوطني تحضيرا للانتخابات الرئاسية    الأندية الجزائرية..للتّألّق وتحقيق أفضل نتيجة    حفل افتتاح بهيج بألوان سطع بريقها بوهران    الإدارة تقرّر الإبقاء على المدرّب دي روسي    فايد يشارك في أشغال الاجتماعات الرّبيعيّة ل "الأفامي"    ادعاءات المغرب حول الصحراء الغربية لن تغير من طبيعة القضية بأنها قضية تصفية استعمار    هذا جديد صندوق دعم الصّحافة.. ومجلس أخلاقيات المهنة    عطاف يشارك في جلسة نقاش رفيعة المستوى حول تنفيذ أهداف العشرية الأممية للطاقة المستدامة    إنهاء مهام الرّئيس المدير العام لجريدة "الجمهورية"    ألعاب القوى/مونديال-2024 / 20 كلم مشي: الجزائر حاضرة بستة رياضيين في موعد أنطاليا (تركيا)    الدورة الوطنية لسيدي بلعباس: فوز الدراج الدولي حمزة ياسين بالسرعة النهائية    العاصمة.. تهيئة شاملة للشواطئ وللحظيرة الفندقية    "الهولوغرام" في افتتاح مهرجان تقطير الزهر والورد بقسنطينة    الكشافة الإسلامية الجزائرية تنظم ملتقى حول التنمية البيئية    هؤلاء سيستفيدون من بطاقة الشّفاء الافتراضية    باتنة.. إعطاء إشارة تصدير شحنة من الألياف الإصطناعية إنطلاقا من الولاية المنتدبة بريكة    وهران.. تعزيز روح المبادرة لدى طلبة العلوم الإنسانية    قطاع المجاهدين "حريص على استكمال تحيين مختلف نصوصه القانونية والتنظيمية"    دولة فلسطين.. حتمية ودونها سيظل السلام غائبا    بلمهدي يدعو إلى تعزيز التواصل مع خريجي الزوايا سيما من دول الجوار    حصيلة شهداء غزة تتجاوز 34 ألف ومناشدات لتوثيق المفقودين    إيران تنفي تعرضها لهجوم خارجي    تخلّص من هذه العادات لتنعم بالسعادة بعد التقاعد..    كيف تتعامل مع قرار فصلك من العمل؟    بجاية: مولوجي تشرف على إطلاق شهر التراث    وزارة الثقافة تقدّم ملف "الزليج" ل "اليونسكو"    المهرجان الثقافي الوطني لأهليل: أكثر من 25 فرقة تشارك في الطبعة ال 16 بتيميمون    "صديق الشمس والقمر " تفتكّ جائزة أحسن نصّ درامي    الملتقى الدولي "عبد الكريم دالي " الخميس المقبل..    حركة البناء الوطني تنظم ندوة لشرح خطتها الإعلامية الرقمية تحسبا للانتخابات الرئاسية    المغرب: هيئات نقابية تدعو إلى الانخراط في المسيرة الوطنية التي يخوضها المتصرفون بالرباط    ليفربول يرفض انتقال المصري محمد صلاح للبطولة السعودية    إيطاليا تضمن 5 مقاعد في دوري أبطال أوروبا الموسم المقبل    إندونيسيا: إعلان حالة التأهب تحسبا لمزيد من الثورات البركانية    بلعريبي: "عدل 3 سينطلق قريباً وسيساهم في رفع عدد السكنات"    انخفاض عبور سفن الحاويات في البحر الأحمر بأكثر من 50 بالمئة خلال الثلاثي الأول من 2024    تفاصيل بطاقة الشفاء الافتراضية    عميد جامع الجزائر يستقبل المصمم الألماني لهذا الصرح الديني    حوادث المرور: وفاة 62 شخصا وإصابة 323 آخرين في حوادث المرور خلال أسبوع    رخروخ: زيادة حظيرة المركبات تفرض استعمال تقنية الخرسانة الاسمنتية في إنجاز الطرق    الإذاعة الجزائرية تشارك في أشغال الدورة ال30 للجمعية العامة ل"الكوبيام" في نابولي    بلعريبي يتفقد مشروع إنجاز المقر الجديد لوزارة السكن    فلسطين: 50 ألف مصلي يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى المبارك    تصفيات مونديال أقل من 17 سنة/إناث: المنتخب الوطني ينهي تربصه التحضيري بفوز ثانٍ أمام كبريات الجزائر الوسطى    تجارة: زيتوني يترأس إجتماعا لتعزيز صادرات الأجهزة الكهرومنزلية    هيومن رايتس ووتش: جيش الإحتلال الصهيوني شارك في هجمات المستوطنين في الضفة الغربية    وزير الصحة يشرف على لقاء لتقييم المخطط الوطني للتكفل بمرضى انسداد عضلة القلب    مسار إستحداث الشركة الوطنية للطباعة جاري    أكاديميون وباحثون خلال ملتقى وطني بقسنطينة: الخطاب التعليمي لجمعية العلماء المسلمين كان تجديديا    68 رحلة جوية داخلية هذا الصيف    مجمع سونلغاز: توقيع اتفاق مع جنرال إلكتريك    هذا موعد عيد الأضحى    استحداث مخبر للاستعجالات البيولوجية وعلوم الفيروسات    انطلاق أسبوع الوقاية من السمنة والسكري    أوامر وتنبيهات إلهية تدلك على النجاة    عشر بشارات لأهل المساجد بعد انتهاء رمضان    وصايا للاستمرار في الطّاعة والعبادة بعد شهر الصّيام    مع تجسيد ثمرة دروس رمضان في سلوكهم: المسلمون مطالبون بالمحافظة على أخلاقيات الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حواء تبيع الخضر والعجائن وقطع الغيار
نشر في الشعب يوم 24 - 02 - 2021

فضلت فئة من النواعم ولوج عالم التجارة بالأسواق الجوارية إلى جانب الرجل. ويرجع ذلك إلى عوامل عديدة، من بينها شح المناصب الإدارية التي توافق مؤهلاتهم الدراسية، وكذا عدم وجود المعيل لها بسبب وفاة الأب أو الزوج أو غيرها من الأسباب الاجتماعية المتعددة، التي شكلت تحديا لهن وجعلت أنوثتهن رمزا للكفاح من أجل لقمة العيش الحلال.
الكثيرات من بنات حواء تقلدن مناصب جد هامة وفي غاية المسؤولية، بحيث وجدناها في أعلى مناصب في الدولة، ووجدناها في عالم الإدارة والأعمال وكذا في العديد من المهن الحيوية كالتعليم والطب والهندسة، ناهيك في الميكانيكا، وإنما اللواتي أجبرهن الزمن على اقتحام التجارة في الأسواق الجوارية يمتلكن ميكانيزمات مميزة مكتسبة من واقع المعيشة وربما من أبرز هذه الميكانيزمات الجرأة والقوة، فعندما تحافظ الأنثى على كيانها وسط عمل مقتصر على الرجال ينبغي أن تتسلح بالحزم والعزم، ناهيك عن فرض احترامها في كل الظروف.
خطوات لقمة الحلال تبدأ من المعاناة
«الحاجة» بائعة في السوق السوداء هي امرأة في أوائل الستينات وجدناها تفترش طاولة في السوق الموازي المعروف باسم الشوماناف، تعرض من خلالها بضاعتها،المتمثلة في صناعة السلل و«الاكسسوارات” تقوم بطرزها وحياكتها بنفسها، دخولها هذا العالم كان سببه الحاجة والحرمان الذي كانت تعاني منه عائلتها الصغيرة، وهي لا تخجل بهذا العمل، بل بالعكس هي ترى في هذه التجار سترة لها ولأولادها، وأنها تقيها من طلب المساعدة من الغير. وتضيف محدثتنا أنها في البداية لاقت صعوبة في تقبّل أهلها وكذا المجتمع لعملها إلا أنه ومع إصرارها رضخوا للأمر الواقع وتقّبلوا عملها.
وعن معاملة باقي التجار لها تقول “الحاجة”: في البداية كان الجميع متفاجئا من دخولها عالم التجارة في الأسواق، ومشاركتهم طاولاتهم، باعة وزبائن وخصوصا في الأيام الأولى لنشاطها، فالجميع كان يحاول معرفة أسباب لجوئها إلى هذه التجارة، فقد “كنت أرى في وجوههم سؤالا واحدا، ماذا تفعل هذه المرأة هنا؟ إلا أنه وعند معرفتهم لقصتي ومدى معاناتي أصبح جميع التجار لا يتهاونون في مساعدتي وتقديم جميع الخدمات لي، فالكل أصبح يحاول مساعدتي قدر الإمكان”.
أما عن إقبال الزبائن تقول “الحاجة إنه يوجد إقبال في بعض الأحيان بدافع الفضول الذي يدفع الناس إلى الشراء وأحيانا حبّ المساعدة “ففي مرات كثيرة يحرص البعض على إعطائي مالا أكثر من سعر البضاعج التي ابتاعوها مني”، فيما يبقى الجنس الناعم أكثر الزبائن الذين يقصدون طاولتها، كونهم يجدون راحتهم مع المرأة أكثر من الرجل.
«نصيرة» أو كما يلقبها الباعة في ضواحي وادي كنيس بخالتي نصيرة احتراما لها، وهي امرأة في الأربعينات من عمرها تعلمت التجارة على والدها ومارست البيع وفنونه منذ أن كانت في العاشرة من عمرها، تقول نصيرة في هذا الصدد: ولجت عالم التجارة منذ الصغر وهذا تلبية لرغبة والدي المقعد، لم أجد أية عراقيل منذ نزولي للسوق وحتى أثناء غياب والدي الذي كان يضطره المرض أحيانا للمكوث في البيت، لم تصادفني مواقف محرجة، إلا في موقفين كنت آنذاك في بداية العمل، فكنت حينها لا أحسن تسمية كل قطع غيار السيارات تصلني من الزبائن، فاختلط علي الامر وبعت قطع غيار غالية الثمن بنصف سعرها... أما الموقف الثاني فكان بسبب تصرفات طائشة من بعض الشباب الذين اضطروا إلى الاعتذار مني بعدما لقنهم العم محمد درسا في الاخلاق..
«الزهرة» وأخواتها يقمن بصناعة المعجنات وبيعها لمحلات المواد الغذائية، داخل وخارج ولاية جيجل. تقول الزهرة وهي الكبرى في أخواتها: لقد تعلمت وأخواتي صناعة المعجنات بكل أنواعها على يد زوجة أبي التي لم تبخل علينا في شيء، وتعلمنا فن البيع الذي كان مقتصرا في البداية على بعض محلات الأكل السريع والمقاهي بكميات قليلة، وبعدما نالت منتوجاتنا الصيت الحسن، شاركنا في مسابقات للأكل التقلدي مع بعض الجمعيات الثقافية وبعدها جاءت فكرة توسيع مجال عملنا الذي أصبح مئة بالمئة تجاريا، ونحن نأمل أن نفتح مصنعا خاصا بنا لترويج بضاعتنا وكذا لتعليم أكبر عدد من الفتيات ولم لا الشباب الراغب في مثل هكذا مجال؟.
أما عن العراقيل التي واجهتها وأخواتها، فتقول المتحدثة: من أصعب المراحل التي واجهتنا تكمن في البداية أين تم رفض بضاعتنا من طرف بعض أصحاب المقاهي، لاسيما الذين كانوا يتفاوضون في البيع بطريقة غير عادلة، ولكن بعد مرور السنين تعلمنا كيف نفرض أنفسنا من خلال إتقاننا واحترافيتنا في صناعة المعجنات التقيلدية على ضوء المعايير الصحية والنظافة.
بالقشابية وسط الرجال صباحا... وسيدة بيت ممتازة في المساء
خديجة، إمرأة في أواخر الستينات من ولاية الأغواط، دائرة عين ماضي، تعمل بائعة في سوق الخضر، الفواكه صباحا، وتقوم بصناعة الحلوى وبعض الأكلات التقليدية مساءً، وهي أم لبنات متفوقات في الدراسة. لم يكن دخولها عالم السوق والتجارة سهلا، ناهيك عن الوسط الذي تعيش فيه، فلم يسبق لهم وأن سمعوا بامرأة تبيع الخضر في سوق لايبيع فيه إلا الرجال. وعليه فلقد وجدت خديجة في ارتدائها القشابية ذريعة مقنعة من أجل ضمان مكانها الذي أصبح بعد فترة من عدم التقبل إلى حق وميزة يضرب به الأمثال، كل من يعرف خديجة سيقول بأنها مميزة، تتحدث بلطافة وبهدوء وبابتسامة لا تفارق محياها، تبيع بضاعتها بكل مرونة ولا تخطئ أبدا في الحساب، ولم يسبقها أحد في التحية والسلام، كما وصفتها لنا إحدى المقربات بأنها مستمعة جيدة ومتحدثة لبقة، فبالرغم من أنها لم تدخل المدرسة إلا أنها تملك شخصية قوية، سواء في الإقناع أو في إسداء النصح بطريقة يخال لمن يستمع إليها أنها كوتش في التنمية البشرية.
ليس غريبا على شقيقة الرجال، أن تخوض وسط تجارب الحياة، مِهَناً تتطلب منها رجولة قد لا تكمن في بعض الرجال، ويراها البعض أنها مغامرة صعبة، في حين لا يستسيغها البعض الآخر من أبناء المجتمع، وإنما هي في الحقيقة واجب وُكِّلَ إليها ليس بدافع المنافسة أو مزاحمة الرجال، بل بدافع وحيد ألا وهو كسب الخبزة الحلال والعيش على الكفاف والعفاف والستر والحياة بسلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.