بعد اكتشاف الإصابات الأولى من فيروس كورونا، منتصف مارس 2020، قررت الحكومة الجزائرية فرض قيود على الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية، بتعليق بعض الأنشطة التجارية للتحكم في الوضع الصحي ومجابهة تفشي الوباء بين أوساط المواطنين. خلّف قرار الحكومة استياء العديد من التجار لتكبدهم خسائر مالية كبيرة بسبب الغلق المباشر لمحلاتهم وتعرض الكثير منهم للإفلاس، بسبب تراكم الأعباء والأقساط الكبيرة التي كانوا يدفعونها. الوضعية المالية المتردّية للتجار استدعت تدخل عدد من جمعيات التجار والمستهلكين، التي ألحّت على ضرورة تجميد قرار الغلق ومعاودة نشاط التجار لضمان مصدر رزق هذه الفئة من المجتمع، وقد لاقت هذه النداءات استجابة من طرف السلطات العليا للبلاد والتي أعلنت في بداية ماي 2020 الترخيص بإعادة بعث نشاطات معينة، شرط التزام التجار والمواطنين بتدابير الوقاية الصّحية. غير أن التهاون في الالتزام بشروط الوقاية من الفيروس سواء من التجار أومن المستهلكين، دفع بالعديد من الولاة إلى التحرك، لاحتواء الأمور قبل انفلاتها، بعدما ضربت جميع التدابير الوقائية عرض الحائط، ولم يستطع التجار التحكم في تصرفات زبائنهم، لتجد السلطات المحلية نفسها مجبرة على إعادة غلق المحلات وتعليق الأنشطة التجارية التي تستقطب عددا كبيرا من المواطنين، حفاظا على أرواحهم وسلامتهم. وأدى تحسن الوضع الوبائي إثر الانخفاض الملحوظ في عدد الإصابات، بداية من جوان وجويلية 2020، الى رفع إجراء تحديد أوقات نشاط بعض المتاجر التي كانت ملزمة بتوقيف جميع أنشطتها، ابتداء من الساعة التاسعة مساء، ومسّ القرار الأجهزة الكهرومنزلية، الأدوات المنزلية والديكورات، المفروشات وأقمشة التأثيث، اللّوازم الرياضية، الألعاب واللّعب، وأماكن تمركز الأنشطة التجارية، قاعات الحلاقة للرجال والنساء. كما أقرّت السلطات، بداية من فيفري 2021، تخفيف تدابير الحجر الصّحي باستئناف النشاط العادي للمقاهي والمطاعم والفنادق وأسواق السيارات، تزامنا مع تراجع الإصابات، وهوالأمر الذي أعاد الحيوية إلى النشاطات التجارية التي عانت اقتصاديا بسبب مخلفات الجائحة. من جانبه، قال رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين الجزائريين، الحاج الطاهر بولنوار، إن 90 ٪ من التجار والحرفيين في الجزائر تضرّروا من جراء توقيف النشاطات الاقتصادية والتجارية، مشيرا إلى غلق محلات 50 ألف تاجر وحرفي، منذ بداية الجائحة، نتيجة عدم تقيّدهم بإجراءات السلامة والوقاية. بولنوار أشار في اتصال هاتفي مع «الشعب»، أن غلق بعض المحلات بسبب تداعيات كورونا سبّب مشاكل مالية كبيرة للتجار، بسبب الغرامات وتكاليف الإيجار، إضافة إلى مصاريف أخرى كالضرائب وغيرها من التكاليف. وتابع بولنوار «قرار تعليق الأنشطة التجارية تلك الفترة كان بسبب تأزم الوضع الوبائي بالبلاد، مشيرا أنه كان صعبا ومضّرا، لكنه بالمقابل ضروري بالنظر إلى الارتفاع الكبير لأعداد الإصابات بالوباء وتسجيل تراخي في التقيّد بشروط السلامة من قبل المواطنين والتجار. وأضاف «بسبب ارتفاع عدد الإصابات والوفيات بفيروس كورونا كان من الضروري التوّجه إلى غلق النشاطات التجارية، وهذا من أجل الحدّ من إنتشار الوباء»، ليضيف إن «تحديد أوقات عمل بعض النشاطات التجارية والحرفية الهدف منه التقليل من التجمعات في المحلات والمساحات التجارية»، ليؤكد أيضا أن «هذا القرار يجمع بين المحافظة على الأرواح وضمان حد أدنى من الحياة الاقتصادية». بولنوار قال، إن «التجار والحرفيين مطالبون بالالتزام بأي قرارات تصدر من الحكومة، لأن الفيروس قاتل وخطير وبأن «المسؤولية ستكون كبيرة عليهم ومزدوجة في نفس الوقت، لأنه يتعين عليهم الإلتزام بالشروط الوقائية، وإرغام الزبائن على التقيّد بالتدابير الصحّية للتغلب على هذا الوباء». ودعا رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين الجزائريين، الولاة تكييف الإجراءات مع الوضع السائد على أرض الواقع، مفيدا «لا يجب أن يتم معاقبة الجميع بسبب مجموعة قليلة من التجار لم تلتزم بالشروط الوقائية لذلك أطلب من الولاة أن تكون العقوبات فردية لاجماعية، خاصة على مستوى المراكز التجارية». وبخصوص تأثير كورونا على التجارة الالكترونية، أفاد بولنوار « كورونا أثرت بالسلب على عدة قطاعات ذات طبيعة اقتصادية، إلا أنها بالمقابل ساهمت في إنعاش التجارة الإلكترونية في الجزائر، خاصة أنه في هذه الفترة عملت الدولة على إطلاق خدمات جديدة في ظل تطور استعمال تكنولوجيات الإعلام والاتصال والرغبة في التوجه نحوالاقتصاد الرقمي وتوسع نطاق التجارة الالكترونية في أغلب دول العالم.