الحراك الشعبي في جمعته المائة والثلاث عشرة، عاد إلى شوارع العاصمة المحاذية للبريد المركزي، بالرغم التساقط المطري، مشبعا بعبق التاريخ، ومطالبه المعروفة عن التغيير. الثالثة إلا الربع من يوم الجمعة، مع تأخير طفيف، عن الجمعات السابقة، وفي أول جمعة حراك في رمضان 2021، يلتقي الحراكيون قرب ساحة خميستي، مع القادمين من باب الوادي، مرورا بساحة الشهداء وشارع عبان رمضان. تتشكل الصفوف الأولى لمسيرة جمعة الحراك 113، التي يظهر فيها علم ضخم، راية الجزائر، يتقدم المسيرة، وخلفه علم فلسطين، الذي عاد لمسيرات الحراك، بعد انقطاع مدة زمنية. المطريات المرفوعة فوق الرؤوس تعطي صورة خاصة عن هذه الجمعة الخاصة من عمر الحراك، التي تزامنت مع نشريات حول الطقس، تتحدث عن تساقط أمطار معتبرة على الولايات الشمالية من البلاد، بما فيها عاصمة البلاد. هذا يحمل شعارا كبيرا يطالب فرنسا بإرجاع أرشيف الجزائر المنهوب، خلال الفترة الاستعمارية للجزائر. وذاك شعار يحمله شباب يتحدث عن «الرجال الذين طردوا فرنسا»، وفيه جرعة تاريخية ظاهرة في الصورة التي تختصر قادة الثورة الجزائرية. وثالث يحمل شعارا يطالب بإطلاق سراح معتقلين من حراك. الشهيد سويداني بوجمعة، الذي تزامن استشهاده مع يوم العلم، حاضر بكل ما تعني كلمة حاضر، في الذاكرة والتاريخ والسياسة والمخيال الجمعي للجزائريين، في هذه الجمعة، التي شكّلت صورة خاصة في تعاطيها مع التاريخ ومسائله العالقة، بما فيها أرشيف الثورة، والقضايا العالقة في ملف الذاكرة، بين الجزائروفرنسا. تلتحق مجموعات أخرى بالحراك، الذي يطوف بالجامعة المركزية، وتُسلم العيون من الشرفات المطلة ها هنا، عليه. هذا يلتقط صورا، وذاك يصور. في الشارع المتفرع عن باستور بمحاذاة جامعة بن يوسف بن خدة، توقف طليعة المسيرة قبالة حشد من المصورين، من كل الأعمار، والتخصصات، مصورون محترفون وهواة يتزاحمون على أخذ أفضل صورة.. والعلم الضخم في المقدمة دائما.. أصوات الحراكيين هذه المرة، غلُبت وطارت الى الأسماع في غياب مروحية الشرطة التي عادة ما تراقب المسيرة من السماء. لا هدير طوافات هذا الجمعة.