تعتبر منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة إحدى أبرز الوكالات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة، وهي كغيرها من الوكالات الأخرى، تبقى تابعة في تمويلها للدول الأعضاء، لا سيما الدول الكبرى في صورة الولاياتالمتحدة وحلفائها، لكن نقطة الاختلاف والتي تميز منظمة اليونيسكو عن غيرها من المنظمات الأخرى، هي محاولة الأخيرة رسم صورة إيجابية عن نشاطاتها المتداولة في المحافل الدولية، ولعلى ما يؤكد ذلك، هو ما قامت به اليونيسكو اتجاه قضية القضايا فلسطين، حيث اتخذت قرارات تاريخية كان أبرزها منح فلسطين العضوية الكاملة في اليونيسكو،وهذا بالرغم من الانتقادات الشديدة التي طالت اليونيسكو من طرف أهم مموليها الولاياتالمتحدة واسرائيل، والتي وصلت إلى حد قطع تمويلها لليونيسكو، لكن الأخيرة لم تقف مكتوفة الأيدي بل ردت بتجميد حق الدولتين في التصويت داخل اليونيسكو، كل هذا يوحي بفعالية واستقلالية نشاط المنظمة، ما يعطي بارقة أمل في الاتكال على هذه الأطراف. مصادر التمويل واتخاذ القرار في وكالات الأممالمتحدة المتخصصة: وكالات الأممالمتحدة المتخصصة هي منظمات دولية مستقلة تعمل مع الأممالمتحدة من خلال اتفاقات وتُموّل بالمساهمات المحددة القيمة والتبرعات الطوعية. فمثلا يتكون رأس مال البنك الدولي من مساهمة الاعضاء ويدفع كل عضو 20% من قيمة حصته نقدا والباقي يعتبر ضمان للقروض التي يحصل عليها البنك، وتتحدد قدرة كل دولة عضو في البنك على التصويت وفقا لحصتها في رأس ماله. وعليه فالدول الصناعية المتقدمة (أمريكا، اليابان، ألمانيا، فرنسا، إنجلترا) تسيطر على أكثر من 1/3 رأس مال البنك، وهو ما يجعلها تؤثر مباشرة على قرارات البنك واستراتيجيته. ومن ثمة فإن قرارات البنك الدولي تبقى رهان ما تقرّره الدول الصناعية المتقدّمة في صورة USA. مادام أن هذه المنظمات أوالوكالات غيرمستقلة ماليا فإن قراراتها ليست بيدها، وهذا هو حال معظم وكالات الأممالمتحدة الأخرى، عدا منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو)، والتي أعطت صورة مغايرة للوكالات الأخرى التابعة للأمم المتحدة، فأين يكمن الاستثناء لدى اليونيسكو؟ ماهية منظمة اليونيسكو؟ تعريف اليونيسكو: منظمة اليونسكو باللغة العربية هي منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة، وتعتبر كلمة يونسكو (UNESCO) اختصاراً للمصطلح الإنجليزي (United Nations Educational, Scientific and Cultural Organization)، وهي عبارة عن وكالة متخصصة بالتربية والعلوم والثقافة، وهي تابعة لمنظمة الأممالمتحدة التي تأسست عام 1945، وتضم في عضويتها 195 دولة عضو و8 دول مؤسسة، وبعض الدول الأعضاء في المنظمة دول غير متمتعة باستقلال ذاتي، وذلك وفقاً لعدد الأعضاء والمؤسسين في عام 2011م، وحاليا تترأسها الفرنسية أدري أزولاي، وزيرة الثقافة الفرنسية سابقا، بعد فوزها في الانتخابات التي أجريت عام 2017م، حيث حصلت على 30 صوتاً متقدمةً بذلك على المرشح القطري حمد بن عبد العزيز الكواري بفارق صوتين. هدف المنظمة الرئيسي هو المساهمة بإحلال السلام والأمن عن طريق رفع مستوى التعاون بين دول العالم في مجالات التربية والتعليم والثقافة لإحلال الاحترام العالمي للعدالة ولسيادة القانون ولحقوق الإنسان ومبادئ الحرية الأساسية. وظائف ومجالات منظمة اليونسكو: تركز منظمة اليونيسكو في عملها على خمسة قطاعات مهمة، وهي التعليم، والثقافة، والعلوم الإنسانية، والاجتماعية، بالإضافة إلى الاتصال والتواصل وتبادل المعلومات وأخيراً العلوم الطبيعية. رئاسة اليونيسكو تداول على رئاسة منظمة اليونيسكو 11 رئيس (ة): منذ تأسيس المنظمة عام 1945 وحتى الآن، والجدول التالي يبين الرؤساء الدين تداولوا على رئاسة منظمة اليونيسكو منذ التأسيس. جدول رقم (1): يوضح أسماء رؤساء منظمة اليونيسكو 1946حتى الآن . من خلال الجدول رقم (1)، يتضح أنه لم يسبق لأي شخصية عربية أن تقلدت رئاسة منظمة اليونيسكو، بالرغم من أن الانتخابات الأخيرة لرئاسة المنظمة عرفت منافسة شديدة للمترشحة الفرنسية أدري أزولاي من قبل المرشح القطري حمد بن عبد العزيز الكواري، غير أن الصراعات العربية العربية، إضافة إلى اعتبارات أخرى رجحت الكفة لمرشحة فرنسا أزولاي .. فمن هي أزولاي؟ هي»أودري أزولاي» الرئيسة 11 لمنظمة اليونيسكو، ولدت في باريس عام 1972 من أسرة يهودية مغربية، والدها هو الصحفي ورجل الأعمال «أنرديه أزولاي»، المستشار الحالي للعاهل المغربي الملك محمد السادس ولوالده الراحل الحسن الثاني، شغلت منصب مستشارة الرئيس الفرنسي فرونسوا هولند في مجال الثقافة والتواصل لمدة سنتين، ثم أصبحت وزيرة للثقافة في حكومة «ايمانويل فالس»، الهيكل التنظيمي لليونسكو: الأجهزة الرئيسة: تتكون اليونسكو من ثلاثة أجهزة رئيسة هي المؤتمر العام والمجلس التنفيذي وأمانة السر. الهيكل التنظيمي لليونسكو المؤتمر العام اللس التنفيذي أمانة السر منظمة اليونيسكو إن المؤتمر العام هو الذي يبت في طلبات الدول غيرالأعضاء في الأممالمتحدة والراغبة في الانضمام إلى اليونسكو، وهوالذي ينتخب أعضاء المجلس التنفيذي لليونسكو. تختلف أحجام وفود الدول كثيرا من دولة لأخرى بحسب إمكاناتها الاقتصادية ودرجة اهتمامها بأعمال اليونسكو... إلخ، لكن أيا كانت أحجام وفود الدول فلكل دولة صوت واحد تستوي في ذلك الدول الكبرى والصغرى. يصدر المؤتمرالعام قرارات هو توصياته بالأغلبية البسيطة في معظم الأحيان. ولكن هناك بعض الحالات التي تتطلب أغلبية ثلثي الأعضاء الحاضرين والمشتركين في التصويت. مصادر تمويل اليونيسكو وعملية صنع القرار مصادر تمويل اليونيسكو بدأت منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) كمنظمة قائمة على التبرعات والتمويل العام، بمعنى أن معظم التمويل يأتي لليونيسكو من اشتراكات الدول الأعضاء في المنظمة ومن التبرعات الطوعية، وعلى الغالب من الدول المانحة. يحدد نصيب كل دولة عضو في الميزانية العادية لليونسكو، وفق عدد من المعاييرالاقتصادية التي لاداعي للدخول في تفاصيلها الفنية، وفي مقدّمة هذه المعايير رقم الناتج الإجمالي العام للدولة. حيث إن رقم الناتج القومي العام للدول يتفاوت تفاوتا كبيرا من دولة لأخرى فمن الطبيعي أن ينعكس هذا التفاوت عند تحديد حصة كدولة في ميزانية المنظمة الدولية؛ فعلى سبيل المثال تساهم الولاياتالمتحدة ب 70مليون دولار في اليونيسكو أي بحوالي 22% من الميزانية العامة للمنظمة، في حين أن مجموع ما تدفعه الدول العربية في الميزانية العادية لليونسكو يتجاوز قليلا 1٬5 % من إجمالي الميزانية. عملية صنع القرار في اليونيسكو هناك أكثر من زاوية يمكن من خلالها النظر إلى عملية صنع السياسة في اليونسكو فإذا نظرنا إليها من الزاوية القانونية فسوف نجد أن المؤتمر العام لليونسكو هو وحده المختص بصنع السياسات العامة، وأن دور أمانة السر ينحصر في تنفيذ هذه السياسات، أما دور المجلس التنفيذي فهو ينحصر في الإشراف على تنفيذ هذه السياسات، وفي حل ما قد يعترض عملية تنفيذها من مشاكل فيما بين دورات انعقاد المؤتمر العام، ولما كانت القاعدة العامة هي المساواة التامة بين الدول فإن لكل دولة في المؤتمر العام صوتا واحدا، ومن ثم تشترك جميع الدول الأعضاء في اليونسكو، على قدم المساواة، في اعتماد القرارات التي تحدد سياسة المنظمة الدولية من خلال اشتراكها في عملية التصويت. وتصبح سياسة المنظمة تعبيرا عن رأي أغلبية الأعضاء عملا بالقاعدة الديمقراطية التي توجب احترام الأقلية لرأي الأغلبية طالما أن القرارات الصادرة عن المنظمة صحيحة من الناحية الدستورية وصدرت الأغلبية المنصوص عليها، بحسب كل حالة. لكن هذه النظرة القانونية أو الشكلية قد توحي بأن كافة الدول الأعضاء تساهم من الناحية الفعلية في صياغة وبلورة سياسة اليونسكو بطريقة متساوية أومتكافئة. وليس ذلك صحيحا على إطلاقه. ذلك أن الاختلافات الفعلية بين إمكانات وقدرات الدول الاقتصادية والسياسية والثقافية تعكس نفسها بشكل ملموس على هيكل المنظمة وتلقي، من ثم، بتأثيراتها الضخمة على عملية صياغة وبلورة سياسة هذه المنظمة من الناحية الفعلية. أهم قرارات اليونيسكو اتجاه فلسطين بخلاف الكثير من المنظمات الدولية الأخرى، اتخذت منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة قرارات تاريخية بشأن فلسطين ولعلى أبرزها. قرار اليونيسكو بقبول «دولة فلسطين» في المنظمة كدولة كاملة العضوية: حيث حصلت دولة فلسطين يوم 31 أكتوبر2011م على العضوية الكاملة في منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونسكو». قرار اليونسكو: الأقصى تراث إسلامي خالص تبنت منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، يوم 18 أكتوبر 2016، قرارا ينفي وجود ارتباط ديني لليهود بالمسجد الأقصى وحائط البراق، ويعتبرهما تراثا إسلاميا خالصا. وسبق لمنظمة اليونسكو أن وبخت وانتقدت إسرائيل في قرارات سابقة خاصة بفلسطين. أثر مصادر التمويل على قرارات اليونيسكو اعتادت بعض الدول الكبرى والغنية على توجيه قرارات مختلف المنظمات والهيئات الدولية، كما هو الحال مع القوة العظمى في العالم (الولاياتالمتحدةالأمريكية)، والتي تبقى في صراع مع منظمة الأممالمتحدة التربية والعلوم والثقافة ( اليونيسكو)، هذه الأخيرة يبدو أنها لم ترضخ لطلباتها بشأن ذيلها إسرائيل، مما دفعها للدخول في صراع مع اليونيسكو، وقد لجأت لمجموعة من الطرق أبرزها: الانسحاب أو التهديد بالانسحاب من المنظمة: أصبحت الدول الكبرى وعلى رأسها الولاياتالمتحدة، تلجأ إلى سلاح التهديد أو الإنسحاب من اليونيسكو، للضغط على المنظمة بالعدول عن القرارات التي تتخذها ضدها أو ضد حليفتها إسرائيل، هذا وقد انسحبت الولاياتالمتحدة مرتين من اليونيسكو المرة الأولى، عام 1984، وعادت عام 2002، لتنسحب مرّة أخرى عام 2011، ردا على قبول اليونيسكو عضوية فلسطين فيها. قطع التمويل عن اليونيسكو وتباين ردود الأفعال: أوقفت الولاياتالمتحدةالأمريكية دعمها المالي للمنظمة، أواخر عام 2011، احتجاجا على منح فلسطين العضوية الكاملة فيها. وتحججت واشنطن بأن قوانينها تمنعها من تمويل أي منظمة تابعة للأمم المتحدة تمنح العضوية الكاملة لدولة فلسطينية، في إشارة إلى قانونين أمريكيين اعتمدا مطلع التسعينيات. وبموجب ذلك القرار أوقفت واشنطن تحويلا ماليا بقيمة 60 مليون دولار كان مقررا أن تتلقاه المنظمة الدولية. رد فعل اليونيسكو: قررا هذين الأخرين وقف مساهماتهما المالية في منظمة اليونيسكو، فردت الاخيرة بقوّة على تصرفات هذه الدولتين، حيث جمدت منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة حق الولاياتالمتحدةالأمريكية في التصويت، بعدما تخلفت عن سداد مستحقات مالية، كما جمدت اليونيسكو حق التصويت الخاص بإسرائيل، التي امتنعت بدورها عن سداد مستحقاتها في التوقيت نفسه. والمخطط التالي من اعداد الباحث، يوّضح الضغوطات التي تمارسها الولاياتالمتحدةالأمريكية على منظمة اليونسكو دفاعا عن ذيلها إسرائيل. الولاياتالمتحدةالأمريكية تحالف تكتل دفاع الانسحاب من المنظمة وقطع التمويل عنها. • القبضة الحديدية بين الولاياتالمتحدةالأمريكية واليونيسكو اليونيسكو الاعتراض ورفض انضمام فلسطين للمنظمة إسرائيل الانضمام للمنظمة احتلال واستيطان فلسطين دور ومكانة المجموعة العربية داخل اليونيسكو لكل دولة عربية وفد دائم معتمد لدى اليونسكو، غير أن وفود الدول العربية جميعها تعتبر من بين الوفود الصغيرة أو المتوسطة الحجم، لأن عدد أعضائها يتراوح ما بين1و4 أشخاص. هذا وقد جعلت الصراعات العربية- العربية من المصالح الشخصية لكل دولة تتغلب على المصلحة العامة للدول العربية، مما يهدد مكانتها داخل منظمة اليونيسكو، ولعلّ ما حدث في الانتخابات الأخيرة لرئاسة اليونيسكو بين مصر وقطر خير دليل على ذلك. دور الجزائر في منظمة اليونيسكو بالرغم من أن الجزائر كانت حديثة الاستقلال، إلا أن ذلك لم يمنعها من مزاحمة الدول الكبرى داخل المنظمة، حيث لها تمثيل في الأجهزة الرئيسية لليونيسكو، كما سبق وأشرنا، ففي عام 1978 مثلا وصل عدد وفد الجزائر في المؤتمر العام إلى 53 عضوا ليصبح أكبر وفود الدول العربية حجما، بل أكبر من وفود دول عظمى مثل الاتحاد السوفيتي أو الصين أو حتى الولاياتالمتحدة،لكنه عاد بعد ذلك إلى الانخفاض حيث كان حجمه عام 1983 على سبيل المثال 18عضوا. أما فيما يخص تمثيل الجزائر في المجلس التنفيذي، فقد مثلت الجزائر شخصيات بارزة أهمها أحمد طالب الإبراهيمي ما بين 1968 – 1974، ثم محمد إبراهيم الميلي حتى سنة 1985. هذا ولا يخفى أن الجزائر لعبت دور كبير داخل منظمة اليونيسكو وبالضبط في المحافظة على وتيرة عضوية المجموعة العربية في المنظمة، كما كانت ولا زالت تعمل على لم شمل الدول العربية لمواجهة التكتلات الغربية التي تحاول طمس ومحو الهوية والثقافة العربية والإسلامية في فلسطينالمحتلة وفي الوطن العربي والعالم الإسلامي عموما. لكن بالرغم من الدور الكبير الذي تلعبه الجزائر داخل اليونيسكو، إلا أن تغير القيادة داخل اليونيسكو بوصول الفرنسية أدري أزولاي ذات الأصول اليهودية وابنة مستشار الملك المغربي محمد السادس، يفرض على الجزائر بدل جهود أكبر داخل المنظمة. إذن فقد أثبتت منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو) بأنها ليست كغيرها من الوكالات والمنظمات الدولية الأخرى، والتي تسير وفق الخطط المرسومة لها منذ زمان، إذ يصعب عليها الخروج عن النص المكتوب لها من قبل الدول الكبرى وعلى رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية وحلفائها، وأحداث التاريخ الكثيرة شاهدة على ذلك، فمنظمة اليونيسكو بالرغم من أنها تستمد تمويلها من اشتراكات الدول الأعضاء، لا سيما الدول الكبرى كالولاياتالمتحدةالأمريكية والتي تساهم بحوالي 22% أي بخمس ميزانية اليونيسكو ناهيك عن المساعدات المالية التي تحصل عليها المنظمة من طرف الولاياتالمتحدةالأمريكية خارج اشتراكاتها السنوية، إلا أن هذا لم يؤثر بتاتا على نشاط منظمة اليونيسكو، ولعلى ما يؤكد ذلك هو القرارات التاريخية التي اتخذتها اليونيسكو بشأن فلسطين، أبرزا منح الأخير العضوية الكاملة- كدولة كاملة العضوية في اليونيسكو، ابتداء من أكتوبر 2011، ثم تلاها قرار مرتبط بالأقصى كتراث اسلامي خالصا، نافية بذلك الادعاءات اليهودية بالقدس الشريف، إضافة إلى قرارات أخرى موبخة لإسرائيل وتخدم القضية الفلسطينية العادلة، لكن هذه القرارات لم تمر بردا وسلاما على منظمة اليونيسكو، إذ قوبلت بالرفض والتنديد والاستنكار من قبل الولاياتالمتحدةالأمريكية واسرائيل ولم تكتف هذه الدول بذلك، بل صعدت اللهجة مع اليونيسكو بتوقفها عن دفع اشتراكاتها المالية السنوية، والتهديد بالانسحاب من المنظمة بصفة نهائية، غير أن ردة فعل اليونيسكو كانت أقوى بالرغم من فقدانها حوالي ربع ميزانياتها ( الولاياتالمتحدة 22%، إسرائيل 3 %)، إذ جمدت حق الولاياتالمتحدة واسرائيل في التصويت، هذا التصرف إن دل على شيء فإنما يدل على فعالية واستقلالية قرارات منظمة اليونيسكو. من خلال هذه الدراسة توصلنا إلى نتائج مفادها: قرارات اليونيسكو اتجاه فلسطين توحي بفعالية نشاطها، بالرغم من فقدانها لأهم مصادر تمويلها، وهو ما يعني تغلب المبدأ على المصلحة. اليونيسكو هي أول وكالة متخصصة تابعة للأمم المتحدة تتخذ قرارات تاريخية بشأن فلسطين. المجموعة العربية بقيادة الجزائر لعبت دور كبير في قرارات اليونيسكو اتجاه فلسطينالمحتلة، كان أبرزها قبول الأخيرة كدولة كاملة العضوية في المنظمة . الصراعات العربية- العربية حالت دون وصول العرب إلى رئاسة اليونيسكو، كما ساعدت على وصول شخصية فرنسية من أصول يهودية لقيادة اليونيسكو، وهذا لا يخدم مصالح الأمة العربية والإسلامية. مصادر تمويل منظمة اليونيسكو لم تؤثر بتاتا على استقلالية قراراتها، ما يعطي بارقة أمل في الاتكال على هذه الأطر، وأحداث التاريخ شاهدة على ذلك ولعل أبرزها قضية القضايا فلسطين. هذا ونخرج ببعض التوصيات: يجب على المجموعة العربية داخل منظمة اليونيسكو الالتفاف والتكتل فيما بينها لخدمة قضايا الأمة العربية والإسلامية. مع وصول الرئيسة الجديدة أدري أزولاي، ينبغي على الجزائر أن تبدل جهود أكبر وأن تستعد لأي قرارات جديدة قد لا تكون في صالحها، وأن تعمل على توحيد صف المجموعة العربية داخل اليونيسكو، وتجنب الصراعات العربية- العربية، كما حدث مع المرشح القطري. ينبغي على الجزائر إقناع أصدقائها داخل اليونيسكو كالصين وروسيا وتركيا.. على التعاون معا لتعويض الأطراف المنسحبة من تسديد التزاماتها المالية في الميزانية العامة للمنظمة) الولاياتالمتحدةالأمريكية وذيليها اسرائيل)، وذلك حفاظا على حياد قرارات اليونيسكو.