يواجه بعض المتعافين من فيروس كورونا المستجد آثارا نفسية بليغة تصل حد الصدمات النفسية، كما ظهرت لها أشخاص أعراض شبيهة بالزهايمر، حسبما أكده أساتذة في الطب، ما استدعى إعداد دليل للتكفل بالمصابين ما بعد الشفاء «العضوي» من كوفيد -19 والذي دخل، أول أمس، حيّز الاستعمال. الدليل الذي أعدته وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، شارك فيه أساتذة وخبراء في الطب من تخصصات مختلفة، للتكفل بمرحلة ما بعد كوفيد-19 موجه لمستخدمي الصحة خاصة المتدخلين منهم في عملية التكفل وتوجيه المرضى الذين تظهر عليهم أعراض مستمرة بعد الإصابة بهذا الفيروس، حسبما أفاد به الأمين العام للوزارة عبد القادر سايحي. أبرز سايحي في كلمة ألقاها في يوم دراسي نظمته الوزارة بمقرها أهمية هذا الدليل، الذي يهدف إلى توحيد وتنسيق على الصعيد الوطني إستراتيجية آثار الإصابة بكوفيد-19، كما سيسمح لمستخدمي الصحة بتحديد وتقييم والتكفل بالمرضى وكذا تسيير الأثار على الأمد الطويل، لأن معظم الأشخاص المصابين بهذا الفيروس يعانون من أعراضه لمدة تتراوح ما بين 3 أسابيع، وهناك من يستغرقون وقتا أطول للتعافي، ومنهم من يصبحون غير قادرين على استئناف نشاطاتهم العادية أو ما يسمى ب»كوفيد طويل «. ولعل أغرب وأخطر ما في الأمر أنه لا يمكن توقع كيفية تطور فيروس كوفيد-19 الذي يولد أحيانا تبعات جسدية وعقلية «معيقة» حسب البروفيسور عمار طبايبية المختص في الطب الداخلي في مداخلة بعنوان «مقارنة فحص وتكفل ما بعد كوفيد-19»، مشيرا إلى ظهور أعراض دائمة لا يوجد لها تفسير قد تحول دون الإدماج الاجتماعي والمهني للشخص المصاب ب»متلازمة» بعد كوفيد-19. كما أكد طبايبية ضرورة التكفل «المبكر» بالمرضى الذين يعانون من أعراض ما بعد كوفيد-19، خاصة المسنين والأطفال حتى وإن كان ظهور أعراض ما بعد كوفيد-19 «نادرا» لدى هذه الفئة من المجتمع، لافتا إلى أن الآثار لا تقتصر على الناحية الجسدية فحسب، بل تنعكس على الصحة العقلية أيضا، حيث تمت ملاحظة مضاعفات عقلية لدى بعض المصابين بالفيروس، بلغت حدّ الصدمات النفسية وظهور أعراض «الزهايمر». كما أكد على الآثار التي يخلفها كوفيد على الحالة النفسية والصحة العقلية، البروفسور محمد شكالي المدير الفرعي لترقية الصحة العقلية بوزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، في مداخلته حول «مكانة طبيب الأمراض العقلية في التكفل بمرحلة ما بعد كوفيد-19»، مشيرا إلى أن الأمراض المتداولة التي ذكرتها المصادر العلمية، توجد «الانهيارات العصبية»، الناتجة عن الخوف الذي يعيشه الشخص في مرحلة ما بعد كوفيد-19، من اضطرابات في التصرف والشخصية ..الخ. ولفت، في هذا الصدد، إلى أنّ الأطفال أيضا يتأثرون بالفيروس، ويلاحظ ذلك على نموّهم وتمدرسهم حيث تطرأ على البعض منهم «تصرفات إدمانية» خلال فترة الحجر، فيما يعاني المسنون من العزلة،مشيرا في مداخلته إلى إعداد الوزارة لتعليمة مشتركة بتاريخ 20 أفريل 2021 تهدف لتنظيم جهاز المرافقة النفسية. ومن جهتها، أشارت البروفيسور نورة لياني إلى أهمية طبيب العمل والفحص الإكلينيكي الكامل، الذي يسمح بمعرفة القدرة من عدمها على العمل بعد الإصابة بالفيروس، ما يمكن من «استباق المشاكل الطبية والاجتماعية»، لاسيما وأنّ بعض تبعات الإصابة بكوفيد-19، قد تسفر عن أوضاع يكون فيها المريض «عاجزا عن القيام بنشاطه المهني». ولعل الإشكالية الكبيرة التي تطرح، في هذا الإطار، كيفية التأكد حقيقة من أنّ الأشخاص ما بعد الإصابة، يتطلبون فترة نقاهة قد تمتد في بعض الأحيان لسنة كاملة، أيّ عطلة مرضية طويلة الأمد، ذلك أنّ أبرز الآثار التي يخلفها الفيروس هي التعب المستمر وعدم القدرة على القيام بالنشاطات ومزاولة العمل في المؤسسة أو الإدارة التي كان يشتغل فيها.