ساهمت اللّعبة الأكثر شعبية في العالم «كرة القدم» في التعريف بالقضية الجزائرية عبر العالم أثناء الحقبة الاستعمارية، وأدخلتها أروقة الأممالمتحدة ما أكسبها سنوات من النّضال، عن طريق أول منتخب كرة قدم مثل الجزائر، يتعلق الأمر بمنتخب جبهة التحرير الوطني، الذي صال وجال في مختلف ملاعب العالم، ورفع الراية الوطنية رغما عن أنف فرنسا، واضعا بذلك حجر الأساس للعبة لطالما استهوت الصّغار قبل الكبار في الجزائر، وأسعدت سكانها قبل وبعد الجزائر المستقلّة. أنجبت الجزائر أساطير في لعبة كرة القدم، تألّقوا في مختلف ملاعب العالم، بداية بحسن لالماس وعاشور وسالمي وبطروني، مرورا بعصاد وبلومي وماجر، وصولا إلى نجم مانشيستر سيتي الإنجليزي وقائد الخضر الحالي رياض محرز، كلهم ساهموا في جعل بلد المليون ونصف مليون شهيد أمة كرة قدم بدرجة امتياز. فريق جبهة التحرير الوطني الذي أمتع عشّاق الساحرة المستديرة، بفنياته ومستوياته الراقية من خلال 83 مواجهة خاضها عبر مختلف ملاعب وبلدان العالم، ضد المنتخبات الإفريقية والآسيوية وحتى منتخبات أوروبا الشّرقية، أين تمكن من الفوز ب 57 لقاءً، وفرض التعادل على منافسيه في 14 مواجهة كاملة، كما انهزم في 12 مقابلة، وبالرّغم من خوضه كل مقابلاته خارج الوطن، إلاّ أنّه كان يؤكّد دائما علو كعبه، خصوصا أنّ محمد معوش ورفاقه كانوا يلعبون للدّفاع على القضية الجزائرية والألوان الوطنية، وفضح جرائم فرنسا الاستدمارية التي اغتصبت أرض الجزائر الطّاهرة. فريق جبهة التحرير الوطني بقيادة الأنيق مخلوفي، أحدث ضجّة كبيرة عبر العالم، وجعل الجميع يتحدث عنه وعن هجرة اللاعبين الجزائريين عن أنديتهم، الذين قرّروا مغادرة الفرق الفرنسية والمنتخب الفرنسي لحمل قميص جبهة التحرير سنة 1958، وبقوا على العهد إلى غاية استرجاع الجزائر سيادتها بتاريخ الخامس جويلية سنة 1962، لتلد بعد هذا التاريخ كرة القدم الجزائرية رسميا، بعد تأسيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم، أربعة أشهر بعد الاستقلال وتحديدا بتاريخ 21 أكتوبر. بعد انطلاق المنافسات المحلية رسميا ومشاركة الأندية الجزائرية ومختلف المنتخبات الوطنية في المحافل الدولية، انتظر الشّعب الجزائري إلى غاية 1975 لمعانقة الألقاب، حيث خطف رفقاء الرائع بطروني الميدالية الذهبية في ألعاب البحر الأبيض المتوسط، في نهائي تألّق فيه أشبال المدرب رشيد مخلوفي أمام المنتخب الفرنسي، بملعب 05 جويلية الأولمبي وفازوا عليهم بنتيجة (3-2)، ليكون ذلك أجمل انتقام وأحلى تتويج. مولودية الجزائر تهدي أوّل لقب قاري سنة بعد ذلك كان الموعد مع أول تتويج قاري لدى الأندية، حيث تمكّن الجيل الذهبي لفريق مولودية الجزائر من خطف لقب رابطة الأبطال الإفريقية لكرة القدم، بعد إطاحته بأهلي بن غازي الليبي والأهلي المصري وليو يونيون الكيني وبعده إينيغو رانجيرز النيجيري، لينتزع اللّقب من حافيا كوناكري الغيني بملعب 05 جويلية الأولمبي، عن طريق ركلات الترجيح بنتيجة (3-1)، بعدما انتهت مواجهتي الذهاب والإياب بنتيجة التعادل (3-3). نهاية سبعينيات القرن الماضي تمكّنت خلالها العناصر الوطنية من افتكاك ميدالية ذهبية جديدة في الألعاب الإفريقية لسنة 1978، أين أقصى الخضر منتخبي ليبيا وملاوي في الدور الأول، وأبعدوا منتخب غانا في الدور نصف النهائي بواقع هدفين نظيفين من توقيع إيغيلي وبن قندوسي، ليتغلّب المحاربون على منتخب نيجيريا في النّهائي برصاصة الرّحمة التي أطلقها النجم علي بن شيخ. الشبيبة والوفاق يضيفان أربعة ألقاب قارية بداية ثمانينيات القرن الماضي تألق فيها فريق شبيبة القبائل، حيث توّج بلقب رابطة الأبطال الإفريقية، الأول له والثاني للجزائر سنة 1981 ضد فريق فيتا كلوب الكونغولي بنتيجة (4-1) بمجموع المواجهتين، وهو ما قاده لتنشيط نهائي كأس السوبر في نسخة 1982 بأبيدجان الكاميرونية ضد فريق اتحاد دوالا، الذي فاز عليه بركلات الترجيح بنتيجة (4-3) بعد نهاية الوقت الأصلي بنتيجة التعادل بهدف لمثله. تألّق الشبيبة تزامن مع اقتطاع الجزائر لأول تأشيرة للمشاركة في فعاليات كأس العالم بخيخون 1982 وميكسيكو 1986، مشاركات تاريخية صنع فيها رفقاء مرزقان الحدث، وكانوا قاب قوسين أو أدنى من اقتطاع ورقة العبور إلى الدور الثاني من المنافسة في المشاركة الأولى، لولا فضيحة مباراة ألمانيا والنمسا التي تم التلاعب بنتيجتها. نهاية الثمانينات وبداية التسعينيات كانت فترة تربّع فيها المنتخب الوطني والفرق الجزائرية على عرش القارة الإفريقية، حيث تمكّن الوفاق السطايفي من الظفر بلقب رابطة الأبطال الأفريقية الأول له والثالث للجزائر سنة 1988، بعد تغلبه على كل من الملعب المالي بنتيجة (5-1) بمجموع اللقاءين، ليتغلب على النجم الساحلي التونسي بنتيجة (3-2)، و»أف - سي» 105 ليبروفيل بواقع (4-3)، بعدها أضاف الأهلي المصري إلى قائمة ضحياه في نصف نهائي المنافسة بضربات الترجيح (4-2)، قبل أن يقسوا على فريق إيوانوانيو النيجيري برباعية نظيفة في مباراة الذهاب ويفوز بمجموع (4-1). تتويج أبناء عين الفوارة باللقب القاري جعلهم ينشطون نهائي الكأس الأفروآسيوية في نسخة سنة 1989، ضد فريق السد القطري الذي تغلب عليه بنتيجة (5 - 1) بمجموع المواجهتين، ليضيف ثاني ألقابه الخارجية. سنة 1990 جاءت حافلة بالتتويجات القارية، حيث تمكّن المنتخب الوطني بقيادة المدرب عبد الحميد كرمالي، من التربع على العرش القاري بعد الهزيمة في نهائي كأس الأمم الأفريقية لسنة 1980، أين قسا زملاء جمال مناد على جميع المنافسين، بعدما أطاحوا بمنتخب نيجريا في المباراة الافتتاحية بخمسة أهداف لهدف واحد، وأضافوا منتخب كوت ديفوار إلى القائمة بثلاثية نظيفة، وبعده المنتخب المصري بثنائية عماني وصايب، ليأتي الدور على المنتخب السنغالي بهدفين لواحد، وبعده المنتخب النيجيري بهدف دون رد في النهائي. تسعة أشهر بعد ذلك عادت شبيبة القبائل إلى سكّة الألقاب القارية، من مدينة لوزاكا الزامبية أمام فريق نكانا ريد ديفيلز، بضربات الترجيح بنتيجة (5-3) في نهائي رابطة الأبطال، بعد نهاية الوقت الأصلي بنتيجة التعادل بهدف لمثله في مجموع المقابلتين. تتويج الخضر باللقب القاري قاده لخوض نهائي كأس الأفروآسيوية سنة 1991، ضد المنتخب الإيراني ذهابا وإيابا، ليتوّج المنتخب الوطني بالكأس الخارجية الثانية بعد انهزامه بهدفين لواحد في طهران وفوزه بهدف دون رد في الإياب بالجزائر. أربع سنوات بعد ذلك أضاف الكناري لقبا قاريا جديدا في نهائي كأس إفريقيا للأندية الفائزة بالكؤوس، أمام جوليوس بيرغر النيجيري بنتيجة (3-2) بمجموع المواجهتين. ثلاثية قاريّة للكناري بداية الألفية الجديدة دخلها أصحاب اللونين الأصفر والأخضر بقوة، حيث تمكّن رفقاء المدافع المحوري القوي دريوش، من الظفر بثلاثية قارية في منافسة كأس «الكاف» تواليا في سنوات (2000، 2001، 2002)، محقّقين رقما عجزت كبار القارة عن تحطيمه منذ ذلك التاريخ. بعد ذلك انتظر عشّاق الساحرة المستديرة في الجزائر مدة 12 سنة كاملة، من أجل معانقة الأندية الجزائرية للتتويجات القارية، حيث تمكّن فريق وفاق سطيف من خطف لقب كأس رابطة الأبطال الأفريقية لنسخة 2014، أمام فريق فيتا كلوب الكونغولي، الذي تغلّب عليه ذهابا وإيابا بنتيجة هدفين لواحد، تحت إمرة المدرب خير الدين ماضوي الذي قاد النسر للتتويج بلقب كأس السوبر الإفريقي سنة بعد ذلك، بملعب مصطفى تشاكر أمام عملاق القارة الأهلي المصري. الخضر يتسيّدون القارّة مجدّدا منذ ذلك التاريخ لم يتذوّق الجزائريون طعم الألقاب إلى غاية صيف 2019 بالعاصمة المصرية القاهرة، موعد التتويج القاري الثاني للخضر في أطول نسخة لنهائيات كأس أمم إفريقيا، التي خاضها رفقاء المحارب سفيان فيغولي دون خطأ، وتمكّنوا من الفوز بسبعة لقاءات متتالية، متفوّقين على المنتخب السنغالي القوي في النهائي من قذفة بونجاح، ليواصلوا الإمتاع بعد «الكان» محطّمين الرقم القياسي الإفريقي في عدد المباريات دون هزيمة، ويسيرون بخطى ثابتة نحو تحطيم الرقم القياسي العالمي منذرين كل خصومهم. هذا، وسينشط فريق شبيبة القبائل نهائي كأس «الكاف» للسنة الجارية، بملعب الصداقة بكوتونو البينينية يوم العاشر جويلية المقبل، ضد فريق الرجاء البيضاوي المغربي، وهو ما سيتيح لأسود جرجرة فرصة خطف اللقب القاري الثامن في خزائن الفريق. مسيرة حافلة للفرق ومختلف المنتخبات الوطنية في المنافسات الدولية، تجعل منه أحد أقوى بلدان القارة السمراء في عالم الساحرة المستديرة، هيمنة يمكن أن تطول لو يتم الاعتناء بالتكوين لدى الفئات الشابة، وتشييد المراكز الأربعة التي تمّت برمجتها لتدشين أكاديميات «الفاف»، التي ستكون المشتلة الأولى للفرق والمنتخبات الوطنية