تواجه الحكومة الجديدة تحديات اقتصادية واجتماعية، تفرض إعداد مخطط عمل، يأخذ بعين الاعتبار عامل الوقت لتحقيق الإقلاع الاقتصادي المنشود، وإيجاد حلول للضغوطات الاقتصادية الناجمة عن تراجع إيرادات الدولة، بسبب ارتباط الخزينة العمومية بالمحروقات، وتقليل آثارها على الجانب الاجتماعي. يرى أستاذ العلوم الاقتصادية بجامعة الجزائر أحمد سواهلية، في تصريح ل «الشعب ويكاند»، أن مخطط عمل الحكومة المنتظر تقديمه أمام مجلس الوزراء، ثم غرفتي البرلمان (المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة)، من أجل الموافقة عليه، «سيرتكز على تطبيق برنامج رئيس الجمهورية المنتخب شعبيا، ولن يختلف كثيرا عن مخطط عمل الحكومة السابقة التي لم يمر عليها سوى سنة ونصف»، بمعنى سيتضمن تنفيذ التزامات رئيس الجمهورية 54 التي تعهد بها أمام الشعب الجزائري، وعد من أجل تحقيقها برنامج الإنعاش الاقتصاد الوطني، الذي يعد نتاج عمل مشترك بين الحكومة والشركاء الاجتماعيين وأرباب العمل. وحدّد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، عند تعيينه أيمن بن عبد الرحمن وزير أولا، لقيادة الجهاز التنفيذي للمرحلة القادمة، خلفا لعبد العزيز جراد، مهمة الحكومة الجديدة الأساسية التي قال «إنّها ستكون اقتصادية واجتماعية»، وما اختيار لشخصية بن عبد الرحمن ذي التوجه الاقتصادي البحت وإلحاق وزارة المالية بالوزارة الأولى، إلا تأكيدا ورغبة منه، لحلحلة عدة ملفات صعبة وشائكة، في ظل تراكمات الماضي، والوضعية المترتبة عن الأزمة الصحية وارتداداتها على الجانب الاقتصادي والاجتماعي، تقتضي التسريع بتنفيذ برنامج الإنعاش الاقتصادي. ويعتقد سواهلية أن الوقت حان «للانتقال إلى تنويع القطاعات الإنتاجية والتصدير خارج قطاع المحروقات بعيدا عن الشعارات التي لا تبني الحقيقة في أرض الواقع». ولعل الرهان الأساسي بالنسبة للحكومة الجديدة، «تنشيط القطاعات الاقتصادية الراكدة، والانتقال إلى إقلاع اقتصادي حقيقي بالاعتماد على الكفاءات الجديدة» مشيرا إلى أن خلفية الوزير الأول الاقتصادية ستدعم هذا التوجه، بحيث سيعطي الأولوية للجانب المالي وإشكالية شح إرادات الدولة، على ضوء جائحة كورونا التي قد تشهد تقلصا حادا للإيرادات بسبب نقص موارد الدولة لاسيما العملة الصعبة، 96 بالمائة منها تأتي من المحروقات، حتى وإن تحسن هذا المؤشر لتصل الأسعار اليوم إلى 78 دولارا للبرميل لكن تخفيض الإنتاج كان مضرا. ومن بين أولويات مخطط عمل الحكومة، الارتكاز على مخطط الإنعاش الاقتصادي، والذهاب إلى تجسيد إصلاحات 11 ورشة اقتصادية بحتة، إضافة إلى آثارها الاجتماعية وهذا إشكال كبير يجب عدم تناسيه مثلما ذكر سواهلية «لأن الظواهر الاقتصادية لها سلبياتها على الجانب الاجتماعي، ويظهر جليا في الانهيار المستمر للقدرة الشرائية مقابل ارتفاع نسبة التضخم التي تجاوزت حسب أرقام الديوان الوطني للإحصائيات 4 بالمائة، وذلك يعود للتخفيض الإرادي لقيمة الدينار بحجة الاستفادة من احتياطي الصرف ودعم الصادرات، ولكن هذا التخفيض الإرادي أثر كثيرا على الأسعار لأن الكثير من المنتجات اليوم مدخلاتها، ومكوناتها الإنتاجية مستوردة بالعملة الصعبة، ما يؤدي إلى زيادة أسعارها ويؤثر على الوضع الاجتماعي». وتواجه الحكومة الجديدة - يضيف سواهلية - تحديات تفرض عليها التوجه إلى اعتماد حلول اقتصادية واقعية تطبق في الميدان ويلمسها سكان المجتمع، فمثلا في قضية دعم الصادرات خارج المحروقات لابد أن يكون الدعم موجه للإنتاج الوطني، الذي يعتمد في منتجاته ومدخلاته الاقتصادية على المواد الأولية المحلية، مع الاعتماد على كفاءات عالية المستوى وليس الكفاءات التي جربت من قبل ولم تصل إلى النتيجة المرجوة. ويرى أن مأمورية الحكومة ستكون صعبة، والوصول إلى تغيير الوضع، يفرض استشراف الوضع الاقتصادي، ووضع رؤية أوسع بطاقات لم تشهد الفساد من قبل ومساس بأولويات المجتمع، خاصة أننا نشهد احتجاجات في ورقلة من أجل الشغل، وفي غرداية من أجل الكهرباء، وحرائق الغابات وهذا يؤثر على استقرار الجبهة الاجتماعية وتفادي هذا الوضع يمكن بوجود الرؤية واضحة تمنع تأزم الوضع. وفي نظر سواهلية «الخطأ أو تباطؤ الإصلاحات الاقتصادية غير مطلوب» لأن الشعب ينتظر إصلاحات شاملة تستفيد منها كل الساكنة، لذلك يتعين على الحكومة الجديدة عن طريق مخطط عملها «مواجهة العديد من التحديات الهامة، بما في ذلك التنويع الاقتصادي وتحسين مناخ الاستثمار، والتفكير في السبل والوسائل للقيام، في أحسن الآجال، بوضع عملية التنمية الاقتصادية الوطنية المرنة والشاملة والموحدة، في المسار الصحيح».