يمثل اجتماع الحكومة مع الولاة، فرصة جديدة لتنفيذ الخطة المتكاملة لإنعاش الاقتصاد الوطني وتحقيق التنمية على أساس العدالة الاجتماعية. ويعتقد الجهاز التنفيذي، بمخطط العمل المصادق عليه قبل يومين، بإمكانية تدارك النقائص وتجاوز الركود في كل ما يتعلق بانشغالات المواطنين والاستثمار. الاجتماع الذي ينطلق، اليوم، تحت إشراف رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، يعتبر الثالث من نوعه في ظرف سنتين تقريبا، بعد اجتماعي فيفري وأوت 2020. وسيعقد هذه المرة على مدار يومين تحت شعار: "إنعاش اقتصادي، توازن إقليمي، عدالة اجتماعية". ويحيل الشعار إلى استهداف نهضة اقتصادية واجتماعية، دون أدنى فوارق في توزيع وانتشار الجهود العمومية الرامية إلى تحقيق التنمية. وكما جرت العادة، سيستهل اللقاء، بلمحة تقييمية حول مدى تنفيذ تعليمات وتوجيهات رئيس الجمهورية، المتعلقة بمحاربة البيروقراطية، وإنشاء مشاريع مناطق الظل، وتحريك العجلة الاقتصادية عبر مختلف مناطق النشاط، إلى جانب الرقمنة وعصرنة المرفق العام. وبالنظر لحالة الطوارئ الصحية التي فرضتها جائحة كورونا العام الماضي، انصبت جهود الحكومة والولاة، على المقاومة الصحية والاقتصادية للوباء، بما تسبب في تأخير تنفيذ الإصلاحات الهيكلية للاقتصاد الوطني وجمد العديد من مشاريع الطلب العمومي ذات الأهمية الإستراتيجية بمعظم الولايات. لكن ومع تطوير البلاد لأدوات السيطرة والتكيف مع الفيروس القاتل، بات الجهاز التنفيذي، بقيادة الوزير الأول، وزير المالية أيمن بن عبد الرحمن، أمام حتمية تجسيد كل ما جاء في مخطط عمل الحكومة، وصادق عليه نواب البرلمان، الأربعاء، بأسرع وقت ممكن. ومع تدهور القدرة الشرائية، وجب التحرك بأقصى قوة وذلك من خلال تجسيد دور السلطات العمومية في الضبط والرقابة، وتسهيل إجراءات الاستثمار ورفع قدرات الإنتاج الوطني، وإرساء حركية تجارية واقتصادية كفيلة بامتصاص البطالة. ولعل أبرز النقاط التي سيركز عليها الاجتماع، "المبادرة العمومية والتي تعتبر من الأدوار الجوهرية لولاة الجمهورية، والتي يمكن أن تحقق الأهداف المتوخاة، إذا ما توفرت عناصر النجاعة، وعلى رأسها "رفع التجريم عن فعل التسيير" الذي أكد عليه رئيس الجمهورية. وحث الرئيس تبون، الولاة، على ممارسة جميع صلاحياتهم في تسيير الشأن العام وتحفيز الاستثمار، وعدم التخوف من سياق الحرب الشاملة على الفساد، وقال: "لا أحد يحاسبك عندما تعمل، تحاسب عندما تضع في جيبك ما ليس لك". وحصن رئيس الجمهورية، نهاية الشهر الماضي، المسؤولين المحليين من هواجس "الوقوع تحت طائلة المتابعات القضائية"، والتي تسببت في تراجع لافت لوتيرة الاستثمارات، من خلال إخضاع مباشرة التحقيقات للموافقة المسبقة لوزير الداخلية والجماعات المحلية. وقبل ذلك، ألغى الرئيس تبون اعتماد الرسائل المجهولة، في إطلاق التحقيقات، ونظم عمليات التبليغ عن كل فساد محتمل، لتتم بشكل علني أو عبر وسائل الإعلام الوطنية. ومن المتوقع أن يشهد اجتماع اليوم، تأكيدات في هذا الاتجاه بغرض تحفيز المسؤول المحلي، بدءاً من والي الولاية، ورئيس الدائرة، وصولا إلى رئيس البلدية، على تحرير آلاف المشاريع العالقة بسبب وثائق تستدعي التصديق عليها، كرخص الاستغلال أو المطابقة. ويرتقب أن يعرف لقاء الحكومة بالولاة، عدة ورشات تركز على التنمية والاستثمار والعدالة الاجتماعية، على أن يختتم، الأحد، بتوصيات وتوجيهات، يفترض أن يتم العمل بموجبها بشكل فوري، قصد استغلال الفرص الجديدة التي تتاح في كل مرة للإنعاش الاقتصادي، وعدم الاكتفاء بمشاهدته وهو يتآكل على وقع عديد المعطيات الداخلية والخارجية.