تمّ، أمس، إبراز دور الثورة التحريرية المباركة، في دعم ومساندة حركات التحرر في العالم الثالث عبر القارات الثلاث، إفريقيا، آسيا وأمريكا اللاتينية، خاصة وأن ثورة الفاتح نوفمبر 1954 المجيدة، كانت مميزة في أساليبها ومبادئها ما جعلها فريدة من نوعها؛ أمر حول الجزائر مباشرة بعد الاستقلال إلى قبلة كل المضطهدين، وقلعة الأحرار بل وكعبة للثوار، حيث احتضنت كل حركات التحرر وساهمت في الدفاع عن الشعوب المضطهدة التي عانت من وطأة الاستعمار القديم. نظّم المركز الوطني للأرشيف، الكائن مقره بالعاصمة، ندوة تحت عنوان «الثورة الجزائرية ودورها في دعم ومساندة حركات التحرر في العالم الثالث في القارات الثلاث آسيا، إفريقيا وأمريكا اللاتينية»، وهذا احتفاء بستينية استرجاع السيادة الوطنية، حيث تطرق عبد المجيد شيخي، مستشار رئيس الجمهورية المكلف بالذاكرة الوطنية والأرشيف الوطني، إلى فترة ما قبل الثورة المباركة والنضالات التي خاضها الشعب الجزائري ضد أعتى قوة استعمارية في تلك الحقبة، حيث لجأ إلى حمل السلاح وإعلان الثورة التحريرية ضد فرنسا الاستعمارية، وبعد كفاح مرير دام سبع سنوات ونصف، تحقق النصر ضد فرنسا بعد 132 سنة من الكفاح، الشيء الذي جعل منها مميزة وتختلف عن باقي حركات التحرر في العالم والثورات في العالم. وقال شيخي في كلمة ألقاها بالمناسبة، بحضور ممثلين عن السلك الدبلوماسي العربي في الجزائر وسفير كوبا، وكذا ممثلين عن وزارة الدفاع الوطني وقطاعات ذات صلة، إن «ثورة نوفمبر كانت بمثابة الشرارة التي حركت شعوب الدول المستعمَرة للمضي قدما نحو خلع ثوب الهيمنة والقهر والاستعمار عبر مختلف دول القارات الثلاث سالفة الذكر، ومن حدود المنطقة العربية لتساند حق الشعوب في كفاحها ضد الاستعمار التقليدي، الذي استغل واستنزف ثروات الشعوب المستعمرة في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية والسيطرة عليها لفترات طويلة. وأضاف شيخي، أن عامل دعم الجزائر لحركات التحرر سرعان ما انتشر بين الدول الأفريقية والآسيوية وكانت بمثابة دعوة صادقة تستهدف التحرر من وطأة الاستعمار، خاصة وأن الثورة الجزائرية انفردت عن باقي الثورات وحركات التحرر في العالم، في أساليبها ومبادئها، حيث قدمت درسا في الأخلاق للعالم وفق ما تضمنه بيان أول نوفمبر، مبرزا أن ما ميز ثورة الشعب الجزائري الخالدة أنها انطلقت من الواقع وليس من التنظير؛ أمر انتقل تدريجيا الى باقي الشعوب المقهورة والمضطهدة، حتى أصبحت ثورة نوفمبر المثل الذي يحتذى به عبر جميع أنحاء العالم، ولكل فرد محب للسلام، متبني لكل المبادئ السامية. وتابع، «وفي ظرف قصير وصل صداها الى كل الوطن العربي وباتت ملهمة الشعراء والكتاب وسرعان ما وصلت العالمية وانتقلت «عدواها» الى شعوب أخرى تتوق للتحرر، وتتخذ من الثورة الجزائرية مثلا عمليا، حيث جاءت بنظرة جديدة، وأثبتت أن النضال السياسي وحده ضد قوى الاستدمار لا ينفع، ما لم يقرن بالعمل الثوري المسلح». إلى ذلك يقول شيخي «صدى وفعالية الثورة التحريرية انتقل للعالم ككل، وسارعت حركات تحررية للنهل منها، والبحث عن سر نجاحها ومعرفة طرق وخبايا وأساليبها، خاصة وأن ما فعلته هو تنويع طرق النضال بابتكار أساليب متنوعة لمواجهة الخصم في الميدان، والاعتماد على كل الجوانب، على غرار ما يعرف بالدفاع السياسي بتسخير ترسانة من المحامين، سواء كانوا جزائريين أو فرنسيين، للدفاع عن المناضلين والمجاهدين القابعين آنذاك في السجون الفرنسية، حيث أن الكثير من حركات التحرر العالمية استقت من الثورة الجزائرية كل الأساليب وتدربت عليها، على غرار الثائر نلسون مانديلا، وتعلموا دروسا ساهمت في نقل خبرة الجزائريين في ممارسة العمل المسلح، وباتت تلك الحركات تنتهج النهج الجزائري ما جعل الجزائر تلقب ب «كعبة الثوار». من جهته، نوه المجاهد سي محمد الطاهر عبد السلام، بما قدمته الجزائر تجاه الثوار وحركات التحرر في العالم، مبرزا أن الجزائر قبل أن تقدم مساعدات للشعوب التي تتوق للحرية، كانت تلقى الدعم من بعض المناضلين العرب، على غرار ما قدمته مصر بقيادة الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، حيث أُذيع لأول مرة بيان أول نوفمبر على أثير صوت العرب. وأشار في السياق، الى أن ما قدمته الجزائر لحركات التحرر في العالم، هو وفاء للشعب الجزائري تجاه الشعوب التي لازالت ترزح تحت نير الاحتلال، وهو ما يترجم اليوم موقف الجزائر الثابت والراسخ تجاه القضية الفلسطينية وكل حركات المقاومة لديها، على غرار حركة حماس.