يتكبّد سكان حي المغرب بمنطقة بونوارة الواقعة ببلدية أولاد رحمون ولاية قسنطينة، معاناة حقيقية فرضتها النقائص والظروف القاسية التي يضطر السكان للعيش وسطها على ضوء انعدام أدنى ضروريات العيش الكريم، ليزيد عامل التهميش من أزمة العائلات القاطنة بالمنطقة. في زيارة ميدانية وقفت «الشعب» على الوضع المتدني للحي، بدءا من اهتراء الطريق الرئيسي الذي وضعهم في عزلة، وهو أهم مطلب وصولا للعديد من المظاهر السلبية ونقائص أقل ما يقال عنها أنها تترجم سياسية الإقصاء التي تمارس على المنطقة رغم عديد البرامج التنموية التي خصصت لرفع مظاهر الظل عن المناطق المعزولة. وتعتبر هذا المنطقة والتي تقطن بها حوالي 600 عائلة من بين أهم المناطق التجارية والاقتصادية ببلدية أولاد رحمون، إلا أنها تعيش العزلة بسبب الإهتراء الكامل للطريق الرئيسي والذي صعب من ممارسة يومياتهم خاصة، وأنه يشكل خطرا حقيقيا عليهم بفعل الحفر والمطبات، إذ يستحيل العبور عليها في حال سقوط الأمطار، حيث تتحول إلى برك كبيرة ومستنقعات. وذكر السكان القاطنون بالحي أن المشروع الخاص بتعبيد الطريق الرئيسي مسجل منذ سنوات ولم يتم إنجازه، رغم الطلبات العديدة من قبل السكان وجمعيات الحي، وهذا وسط العديد من التساؤلات وعلامات الاستفهام. مشيرين إلى أن الطريق يجب أن يخضع للتعبيد بطريقة إستعجالية قبل بداية موسم الشتاء، حيث ستتعقد الوضعية عليهم، حيث تم في هذا الإطار مراسلة والي الولاية ورئيس الدائرة والبلدية للنظر في الوضع. وتحدث عدد من السكان حول وضعية الطريق الذي منع وصول وسائل النقل إليهم بعد أن أصبح غير صالح للاستعمال، مؤكدين:» سنعاني في الشتاء وسيكون لذلك الأثر السلبي على الشيوخ والصغار والمرضى» وذكر آخر» لا يكلف المشروع مبلغا ماليا كبيرا ولن تكون فيه أعباء مالية لماذا يتم تأخيره وما هو السبب». الحي يتحوّل لمفرغة غير شرعية للردوم ومخلفات البناء وجه سكان حي المغرب ببونوارة، طلبا للجهات المعنية بضرورة التدخل وإيجاد حلول سريعة لإشكالية التوسع العمراني فوق شبكة الغاز الطبيعي ومختلف التوصيلات وهو ما يشكل تهديدا لحياة العائلات القاطنة بالمنطقة، حيث قام البعض ببناء السكنات فوق بعض الشبكات، كما أدى ذات التوسع إلى غلق المنافذ وغياب الطرق الفرعية. كما أدت الوضعية إلى اختفاء الأرصفة والقضاء على ملامحها بعد إضافتها لمساحة منازلهم حيث لم يصبح للمارة مجال للعبور وأكد أحد السكان أن هناك سكنات لا يمكن الولوج إليها وهي الوضعية التي تتطلب التدخل وإيجاد حلول نهائية قبل وقوع كارثة لا تحمد عقباها. وأوضحوا أن الحي وبسبب هذا البناء أصبح عبارة عن منطقة لرمي كل أنواع الردوم، حيث أصبح كل من يرغب في التخلص من بقايا أشغال السكنات ومختلف المواد الصلبة التوجه إلى ذات المنطقة، وعليه طالب سكان الحي بضرورة تدخل مصالح البلدية لتوقيف عمليات البناء كون حجمها زاد بطريقة كبيرة وأصبح صعب الاحتواء. الاكتظاظ المدرسي هاجس الأولياء والنقل المدرسي الغائب الأكبر كما يشهد قطاع التربية والتعليم بهذه المناطق نقصا كبيرا إن لم نقل انعداما في المؤسسات التعليمية إذ لا تتوفر سوى على متوسطة حيث أن بعض الأقسام تحوي قرابة 40 تلميذا في الأطوار الأولى والثانية، موضحين أن المدارس الابتدائية قليلة ولا تحتوي العدد الهائل من التلاميذ الذي يتزايد كل موسم دراسي نظير تزايد السكان. كما أضاف السكان مشكل نقص وانعدام وسائل النقل المدرسي وهو الأمر الذي جعل الكثيرين منهم ينقطعون عن الدراسة بشكل نهائي وهذا ما لمسناه خلال الجولة الاستطلاعية التي قمنا بها بهذه القرى التي تبعد عن ولاية قسنطينة بحوالي 30 كلم، حيث أفاد أحدهم أن الظروف القاسية هي التي أجبرته على ترك مقاعد الدراسة بسبب بعد المسافة ونقص وانعدام وسائل النقل المدرسي خصوصا والنقل عموما. وتطرق السكان إلى مشكل انعدام الهياكل الثقافية والترفيهية على غرار نقص ملاعب كرة القدم ودور الشباب لهذه الفئة الراغبة في تفجير طاقاتها وقدراتها الإبداعية في أمور ايجابية فانعدام هذه الفضاءات من جهة والبطالة الخانقة من جهة أخرى جعلهم يعيشون وسط حلقة مفرغة من الملل والضجر، كما جعلهم عرضة للانحراف، وعليه طالبوا الجهات المعنية بتسجيل مشاريع تربوية بمنطقتهم والعمل على إصلاح الطريق الرئيسي للمنطقة سيما وأن لها الدور الهام في فك العزلة. أما بالنسبة للقطاع الصحي فمستوى الخدمات الصحية متدني حيث توجد بالمنطقة قاعة علاج وحيدة تفتقر لأبسط الأجهزة الضرورية، فمن خلال زيارتنا لهذه الأخيرة وجدناها شبه مهجورة بها ممرضة واحدة وطبيبة عامة تداوم في الفترة الصباحية حيث يضطر سكان المنطقة للتنقل إلى بلديات أخرى أو حتى إلى مدينة قسنطينة لإجراء الفحوص والتحاليل البسيطة فضلا عن تلقي العلاج أو حتى اللقاح الخاص بالأطفال خارج منطقتهم ودفعت الوضعية الصحية المتدهورة بالمناطق بالكثيرين منهم إلى الاستغناء عن متابعة العلاج أو حتى زيارة الطبيب، إذ يعتمد أغلبهم على إتباع الطرق التقليدية في التداوي. في سياق آخر، أكد سكان المناطق المذكورة أن المشاريع التنموية المخصصة لإنعاش المنطقة مغيبة تماما فشبكة الطرقات المؤدية إلى المناطق المجاورة توجد في حالة مزرية وبدائية فضلا عن غياب مشاريع التهيئة الحضارية وانعدام الإنارة العمومية التي يعتبر من أهم مطالب السكان خاصة وأنها مناطق معزولة تقع وسط سلاسل جبلية مخيفة ما يجعل القرية في ظلام دامس مع أول ساعات المساء.