أجّلت حكومة مدريد، قمةَ الاتحاد المتوسطي التي كانت ستحتضنها مدينة أليكانتي شرقي البلاد، أمس الجمعة، بمشاركة عدد من القادة الأوروبيين، غير أن المفاجأة هي التي كشفتها وكالة الأنباء الإسبانية بأن فرنسا كانت تنوي طرح نزاع الصحراء الغربية للنقاش، وهي سابقة في هذا المنتدى. قرار باريس هذا يؤكد استمرار تدهور العلاقات بينها وبين الرباط. وبرمجت إسبانيا والاتحاد الأوروبي قمة الاتحاد المتوسطي ليوم أمس، وهي القمة التي كانت تحمل في الماضي اسم «مسار برشلونة» الذي يعد منتدى تتدارس فيه الدول المطلة على البحر المتوسط المشاكل القائمة وسبل تعزيز التعاون. ورغم تراجع أهمية هذا المنتدى، يعمل الاتحاد الأوروبي على استمراره. وجاء إلغاء لقاء أمس نتيجة إصابة رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز بفيروس كورونا. تبقى المفاجأة الكبيرة هي ما نقلته وكالة الأنباء الإسبانية «إيفي» عن مصادر فرنسية بشأن رغبة باريس في طرح ملف نزاع الصحراء الغربية. ونقلت الوكالة عن المصادر الفرنسية، أن باريس قررت طرحه للنقاش بحكم ما يمكن أن يحمله من تأثيرات على أزمة الطاقة وتزويد أوروبا بالغاز. تراجع العلاقات ويأتي قرار فرنسا بطرح نزاع الصحراء الغربية في قمة أليكانتي، في وقت فرضته الجزائر في علاقاتها مع الدول الأوروبية. إذ قامت بتجميد العلاقات مع إسبانيا نتيجة دعم مدريد للمقترح الإستعماري المسمى « الحكم الذاتي» الذي تقدم به المغرب لحل النزاع. وجعلت فرنسا لا تبدي تأييدا لهذا الخيار الأحادي الجانب عكس ما كانت تفعل في السابق، وهو ما يثير قلق المغرب. ويتزامن قرار فرنسا كذلك في وقت سحبت باريس سفيرتها من الرباط بعد تعيينها بمنصب في الاتحاد الأوروبي، ولكنها لم تعين بديلا لها، علما أن سفارة فرنسا في الرباط هي ضمن الخمس أو ست سفارات الأكثر أهمية لدبلوماسية باريس. كما يتزامن القرار واستمرار تراجع العلاقات الثنائية، ومنها حجب القنصليات الفرنسية التأشيرة عن الكثير من المغاربة ومن ضمنهم وزراء سابقون ورجال أعمال وأطر كبرى. ومنذ أكثر من سنة، لم يعد البلدان يتبادلان زيارات المسؤولين على مستوى الوزراء وحتى المسؤولين الثانويين في الحكومة. وبينما تؤكد فرنسا أن سبب الأزمة يعود إلى تجسس المغرب على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وعدد من المسؤولين الآخرين، تنسب الرباط الأزمة إلى موقف فرنسا الرافض لتنويع المغرب لشركائه السياسيين والاقتصاديين والأمنيين. وبينما تجري كل هذه التطورات، يستمر العاهل المغربي الملك محمد السادس متواجدا في العاصمة باريس منذ بداية جوان الماضي.