تعزيز لثقل التأثير على الساحتين الإقليمية والدولية مقاربة لمّ الشمل تؤسس لمرحلة جديدة من التوافق والتعاون العربي حكمة ونجاعة وبراعة في التأثير وصناعة الانتصارات سجلت الدبلوماسية الجزائرية في محطة جديدة انتصارا ثمينا يعزز من سقف مكانتها وثقل تأثيرها على الساحتين الإقليمية والدولية، خاصة أنها تحظى بالثقة على ضوء مسار طويل من النجاحات، أكسبها سمعة طيبة بعد أن ذاع صيتها العالمي، فبقيت ثابتة على مبادئ سامية، تاركة في كل مرة بصمة قوية وراسخة من الرؤية الاستشرافية الصائبة والقدرة على احتواء الخلافات والتقريب في وجهات النظر، ولم يقتصر دورها على المنطقة العربية لوحدها، بل ساهمت ولازالت تسهر جاهدة على حل قضايا إقليمية وأخرى دولية، لأن شعار «لمّ الشمل» الذي رفعته في القمة العربية الأخيرة، مازال بابه مفتوحا ومستمرا، لأنه يؤسس لمرحلة جديدة من التوافق والتعاون العربي. لا يختلف إثنان على حنكتها وتمرسها وقدرتها الباهرة على جمع الفرقاء على طاولة حوار واحدة، وإذابة جليد الخلافات بين المتخاصمين وتفكيك بؤر النزاع وإسكات أصوات الفرقة والعنف، لأنها تقف على مسافة واحدة من المتنازعين، تنشد السلم والاستقرار وحقن دماء الأبرياء، بعيدا عن المزايدات والمساومات أو ابتزاز طرف على حساب طرف آخر، موقفها واحد لا يتغير، يستند إلى عدالة القضايا وإنصاف المظلومين وإرجاع الحق إلى أصحابه، صوتها واضح وموقفها شفاف لا تتلاعب ولا تتاجر، ولا ترضخ لضغوطات أصحاب المصالح، وتعرف كيف ترسي آليات التفاوض بكفاءة عالية، لذا من الطبيعي أن تتبوأ الدبلوماسية الجزائرية مكانة مرموقة في العالم، وتتموقع بشكل جيد بعد أن افتكت احترام وثقة العديد من الدول قاريا وعالميا. أثبتت الدبلوماسية الجزائرية خلال القمة العربية الأخيرة، حسب مراقبين، أنها ما زالت تواصل أداءها بثقة وحكمة ونجاعة، في ذات النهج منذ أن خاضت معركة الحرية ومن ثم دعم القضايا التحررية العادلة، من أجل توحيد الصف العربي وحل الأزمات العالقة وتجاوز الخلافات، وتأمين الغذاء وتفعيل التعاون والشراكة العربية والسعي نحو بناء التكامل الاقتصادي المنشود، عن طريق إنشاء منطقة للتجارة الحرة الكبرى، واستحداث منطقة جمركية والعمل على تكريس إصلاحات عميقة للعمل العربي المشترك. ومازالت تصر على تشبثها بمبادئ تستند فيه إلى عملها النضالي خلال ثورة التحرير المجيدة، متحملة عناء التغيرات الجيو إستراتيجية العالمية، حريصة على الدفاع عن قيم العدل والمساواة والحرية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول واحترام سيادة الدول وحل الأزمات بالحلول السلمية عن طريق الحوار والتفاوض. ومن منطلق حرصها الشديد على منح الكثير من الدعم للقضية الفلسطينية خلال القمة العربية 31، عكفت بشكل مسبق وعلى مدار أشهر بالتحضير والقيام بوساطات، لتنجح في تحقيق الوحدة داخل البيت الفلسطيني، عبر سلسلة من اللقاءات مع جميع الأطراف الفلسطينية، وبدبلوماسية وصفها البعيد قبل القريب بأنها كانت هادئة وحكيمة وفعالة، نجحت في إرساء مصالحة بين الأطراف الفلسطينية، محققة خطوة تاريخية مهمة، من شأنها أن تفتح المجال وتسرّع الخطوات، وتختزل الوقت من أجل إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس. لقد أثبتت الدبلوماسية الجزائرية كفاءتها وثقل تأثيرها في القضايا المصيرية بعد نجاحها في حل الكثير من الملفات والقضايا الإقليمية والدولية آخرها في مالي وفلسطين. وصبّت جهود الجزائر خلال القمة العربية الأخيرة نحو ترميم ما يمكن إعادة تفعيله، في إطار إعادة الصوت والتأثير العربي إلى الساحة الدولية، من خلال تفعيل آليات العمل العربي، ورصد الحلول العربية للمشاكل والتحديات العربية، واستشراف المستقبل لكل القضايا التي تعنى وتخص الدول العربية، ولعل التوافق من شأنها أن يزيد الحشد العربي من أجل دعم أكبر للقضية الفلسطينية، أي بكل ما أتيح من الوسائل المادية والدبلوماسية كقضية مركزية.