تمويل محاربة التغيرات المناخية مسألة مطروحة في «كوب-27» تصنف الجزائر، وكل منطقة شمال أفريقيا، من بين الدول أكثر المناطق تضررا بآثار تغير المناخ؛ لهذا فهي تعبر في كل مرة عن استعدادها للمشاركة في الجهود الدولية الرامية للتصدي لتغير المناخ وآثاره المحتملة، لاسيما تلك المتعلقة بالنظام المناخي، والنظم الإيكولوجية الطبيعية ودوام استمرار التنمية الاقتصادية، والتأكيد على التزاماتها في تخفيف انبعاثات الغاز، وفي مقابل ذلك تطالب الدول المتطورة والصناعية بتحمل مسؤولياتها تجاه الدول النامية المتضررة، حسب ما كشف عنه المدير الفرعي لتقليص التغيرات المناخية عبد الرحمان بوقادوم ل«الشعب". الشعب: ما هو تقييمكم لوضعية الجزائر إزاء التغييرات المناخية؟ عبد الرحمان بوقادوم: وضع خبراء المناخ العالميين، وكذا على المستوى الجامعي الوطني، الجزائر في خانة الدول المتأثرة بالتغيرات المناخية، وذلك بالنظر ل 30 سنة السابقة، والتي عرفت نقصا كبيرا في تساقط الأمطار، بسبب تغير نظام المغياثية ببلادنا، وتأخر وتداخل الفصول، وارتفاع درجات الحرارة وأيامها. ويؤكد ذلك تقرير لخبراء المناخ، وضع منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط ضمن الدول التي ستعرف تأثر كبيرا مستقبلا بآثار ونتائج التغيرات المناخية، ولعل أحسن مثال على الظواهر المتطرفة الخطيرة التي شهدها العالم، فيضانات باكستان الأخيرة التي أدّت إلى وفاة الملايين من البشر، وهو نموذج أو عيّنة عن الظواهر المتطرّفة الناتجة عن هذه التغيرات. ماذا عن دور الجزائر في مواجهة التغييرات المناخية؟ الجزائر تلتزم في كل مناسبة بدعم جهود المجتمع الدولي الرامية للتكفل بالمسائل المناخية، وذلك بمختلف القمم العالمية ذات الصلة مع مواصلة جهودها الرامية إلى تعزيز دورها في هذا المجال من خلال مبادرات عديدة كان آخرها قمة المناخ باريس كوب – 21. وفي المقابل، يجب وضع الأمور في نصابها أولا، وهي أن الجزائر ليست متسببة في التغيرات المناخية، فالمسؤول الأول عن ذلك هو الدول المتطورة والصناعية التي ساهمت خلال ال 100 سنة السابقة في بعث الغازات الدفيئة في سبيل تطوير صناعاتها، متسببة في الاختلالات المناخية التي يعيشها العالم اليوم، ما يجعل هذه الأخيرة مطالَبة بمساعدة الدول النامية المتضررة من الآثار السلبية للتغيرات المناخية من خلال تقديم الدعم المالي والتكنولوجي أو بتطوير القدرات للتخفيف من نتائجها، لاسيما الشاذة منها أو المتطرفة. في هذا الإطار، كل الاتفاقيات المتعلقة بالتغيرات المناخية، وضعت الصندوق الأخضر للمناخ، وكان منتظرا في اتفاقية باريس تدعيمه سنويا ب 100 مليار دولار لمساعدة مختلف الدول المتضررة، ولكن لحد الآن، مسألة تمويل محاربة التغيرات المناخية ما تزال مطروحة، ولهذا ستتطرق القمة الحالية للمناخ كوب-27 لمسألة تمويل مواجهة التغيرات المناخية على المدى الطويل. الجزائر مطالبة بتطوير استراتيجية ملائمة لمواجهة التغيرات المناخية، إلى أين وصلت في هذا الأمر؟ يجب أن نعرف أن الاستراتيجية الوطنية لمواجهة التغيرات المناخية ترتكز على المخطط الوطني للمناخ الذي يتضمن 155 محور ومن بين هذه المحاور، تقليص انبعاثات الغازات والحد من هشاشة الجزائر تجاه التغيرات المناخية. وفي هذا الإطار، فقد طالبت الجزائر بدعمها في تطوير المخطط الوطني للتأقلم مع التغيرات المناخية والذي هو في طور الإعداد وذلك بالتنسيق مع الصندوق العالمي الأخضر للمناخ، وبرنامج الأممالمتحدة للتطوير. المواطن شريك فعال في إنجاح السياسات كيف تقيّم جهود الجزائر في التخفيف من الآثار السلبية للتغيرات المناخية على البيئة؟ مما لا شك فيه أن السلطات العليا للبلاد تعطي أهمية كبيرة للتغيرات المناخية، بدليل مشاركة رئيس الجمهوية في قمة شرم الشيخ للمناخ بمصر كوب - 27، كما أن بلادنا وفي إطار المجموعة الإفريقية، تناضل من أجل العدالة المناخية، من خلال مطالبة الدول المتطورة والصناعية باحترام التزاماتها تجاه الدول النامية التي تضمنتها اتفاقية باريس ودعمها في مواجهة والتقليص من النتائج السلبية للتغيرات المناخية، على غرار الجفاف، التصحر، حرائق الغابات، تدهور التربة وغيرها، بالسماح بالانتقال التكنولوجي في هذا الإطار. في المقابل، الدولة الجزائرية من خلال وزارة البيئة والطاقات المتجددة، فقد تم وضع إستراتيجية وطنية لمواجهة التغيرات المناخية، ناهيك عن وجود مخططات أخرى ذات الصلة، على غرار مخطط التنوع البيولوجي، إستراتيجية وطنية للحفاظ على مختلف الأنظمة الايكولوجية، إستراتيجية معالجة النفايات، وإستراتيجية تطوير الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقوية في الجزائر، خاصة وأن هناك برنامجا طموحا لإنتاج الطاقة الكهربائية من مصدر متجدد إلى ما يقارب 1000 ميغاواط وتطوير استخداماتها.. المجهودات سواء كان على مستوى الحكومي والسياسي، وكذا إشراك المواطن الذي يمثل محرك كل السياسات ونجاعتها مرتبطة بإشراكه بفعالية لاسيما في إطار المجتمع المدني.