الفريق أول السعيد شنقريحة من الناحية العسكرية الثالثة    وزارة الشؤون الخارجية توضّح    القادة يُشدّدون على توحيد المواقف وتكثيف التشاور    لعقاب ينهي مهام مديرين    هوية رقمية للجزائريين    اجتماع حول استراتيجية المركز الوطني للسجل التجاري    80 بالمائة من الجزائريين يستفيدون من الأنترنت    هذا جديد سوق السيارات في الجزائر    مجلس الأمة يشارك في مؤتمر بإسطنبول    غزّة على رأس أولويات الجزائر    غزّة تحت القصف دائماً    مولودية الجزائر تقلب الطاولة على شباب قسنطينة وتبلغ نهائي كأس الجزائر للمرة العاشرة    الاستخدام العشوائي للنباتات الطبية.. عواقب وخيمة    الجزائر تشارك في معرض تونس الدولي للكتاب    تأسيس جائزة وطنية في علوم اللغة العربية    اختتام ملتقى تيارت العربي للفنون التشكيلية    فلاحة: السيد شرفة يبحث مع نظيره التونسي فرص تعزيز التعاون    مباراة اتحاد الجزائر- نهضة بركان : قرار الكاف منتظر غدا الاربعاء كأقصى تقدير    قسنطينة: السيد عون يدشن مصنعا لقطع غيار السيارات ووحدة لإنتاج البطاريات    فتح صناديق كتب الشيخ العلامة عبد الحميد بن باديس الموقوفة على جامع الجزائر    وزير الداخلية: استلام 134 منطقة نشاط مصغرة مع نهاية 2024    وهران: إيفاد لجنة من وزارة التربية الوطنية للنظر في أسباب سقوط سقف لقسم بمدرسة ابتدائية    تكتل ثلاثي لاستقرار المنطقة ورفاه شعوبها    الجامعة العربية تجتمع لبحث تداعيات استمرار جرائم الاحتلال    تقرير دولي يفضح ادعاءات الكيان الصهيوني حول "الأونروا"    ضرورة توفر وسائل إعلام قوية لرفع التحديات    الرقمنة طريق للعدالة في الخدمات الصحية    الشفافية والصرامة في إعداد دفتر شروط التجهيزات الطبية    العماني: مواقف الجزائر مشرفة في المحافل الدولية    التحكم في الرقمنة لتحسين خدمات قطاع العدالة    لا تزال الأزمة تصنع الحدث في الساحة الرياضية: بيان رسمي .. اتحاد العاصمة يعلّق على عدم إجراء مباراته أمام نهضة بركان    لا مفر من الرحيل عن ليل: بعد إهانة ليل.. صديق آدم وناس يكشف "المؤامرة "الفرنسية    محطة تضمن 50 رحلة طويلة يوميا ومؤسسة حضرية هامة    شلالات "كفريدة" تستعيد جمالها    الحاجة الاقتصادية والاجتماعية لضبط عروض التكوين في الدكتوراه    سايحي يشرف على افتتاح اليوم التحسيسي والتوعوي    سقوط عامل من الطابق السادس لعمارة    90 بالمائة من الأبناء يفشلون لعدم الاهتمام بمواهبهم    العاصمة.. إحصاء 248 مشروع تنموي في مختلف القطاعات    المنتخب الوطني يتعادل أمام نظيره التونسي    إشادة ألمانية بأول تجربة لشايبي في "البوندسليغا"    بلومي هداف مجددا في الدوري البرتغالي    ماندريا يُعلّق على موسمه مع كون ويعترف بتراجع مستواه    قصف ومجازر وسط القطاع واقتحامات للمسجد الأقصى    تمنطيط حاضرة للعلم والأعلام    الوقاية خير من العلاج ومخططات تسيير في القريب العاجل    رجل الإصلاح وأيقونة الأدب المحلي    مطالب بحماية الشعب الصحراوي من الاضطهاد المغربي    دعم الإبداع والابتكار في بيئة ريادة الأعمال    معالجة 245 قضية إجرامية    حج 2024 : استئناف اليوم الثلاثاء عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    القرار سينفذ هذا الصيف: منع كراء عتاد الاستجمام و زوارق النزهة بشواطئ عنابة    منصّة رقمية لتسيير الصيدليات الخاصة    حكم التسميع والتحميد    الدعاء سلاح المؤمن الواثق بربه    أعمال تجلب لك محبة الله تعالى    دروس من قصة نبي الله أيوب    صيام" الصابرين".. حرص على الأجر واستحضار أجواء رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دعم رسمي في المحافل الدولية
نشر في الشعب يوم 18 - 11 - 2022

أدى العراق دورا بارزا في دعم الثورة التحريرية المباركة عبر الدعم الشعبي والرسمي (الملكي والجمهوري)، بمختلف الوسائل السياسية والعسكرية، وساهم بكل الوسائل في كل ظروفه وتحولاته السياسية وأزماته المختلفة في دعم مسار القضية التحررية الوطنية.. مرّ دعم العراق لثورة نوفمبر بمرحلتين فارقتين كانت الأولى مشوبة بالضغوط الغربية، ومرحلة ثانية كانت تدعّم رسميا وشعبيا مسار الثورة وخياراتها بكل السبل.
ساهم العراقيون في كفاح الجزائريين على كافة المستويات، وبرز ذلك بشكل واضح خلال مؤتمر باندونغ الذي تطرّق إلى قضايا المغرب العربي وأحرزت فيه القضية الجزائرية العادلة انتصارا كبيرا، أكدت بغداد حينها دعمها الكامل واللامشروط للقضية الوطنية، رافضة للظلم والتمييز والإجرام الذي يتعرّض له الجزائريون على يد جيش الاحتلال الفرنسي.
جاء دعم العراق على لسان رئيس وفده فاضل الجمالي، في حقّ مقاومة الاستعمار بكل أنواعه، وتقرير مصير الشعوب وعلى رأسها الشعب الجزائري.
وتذكر الدكتورة مريم الصغير في كتابها مواقف الدول العربية من القضية الجزائرية (1954 - 1962)، مواقف بغداد المختلفة من ثورة الجزائر، من بينها موقفها في الدورة العاشرة للجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث أكد العراق دعمه الثابت والراسخ للقضية الجزائرية عبر إدراجها في أعمالها العادية، وهي أول دورة عادية تنعقد بعد قيام الثورة الجزائرية، وذلك على إثر طلبٍ تقدّمت به أربع عشرة دولة أفرو - آسيوية في 26 جانفي 1955، وكان الوفد العراقي - مرة أخرى - برئاسة فاضل الجمالي في هذه الدورة من بين الوفود التي طالبت بإدراج القضية الجزائرية في جدول أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.
بالمقابل، ركّز الجمالي على ضرورة طرح المسألة الجزائرية على أساس أنها مسألة إنسانية، لكونها قامت من أجل تحرير شعب اغتصبت أرضه وسلبت حريته، وأنه في الوقت الذي تقوم فيه فرنسا بإلقاء القنابل، فإنه لا يمكن للأمم المتحدة عرض هذه المسألة على اعتبار أنها مسألة تخصّ قضايا فرنسا الداخلية.
في ذات السياق، استمرت بغداد على ذات النهج في الدورة الحادية العاشرة للأمم المتحدة من خلال دعم قضية الجزائريين، وقدّم العراق مذكرة شديدة اللهجة، اتهم فيها فرنسا بارتكاب جرائم وقمع عسكري واسع النطاق ضد الشعب الجزائري الأعزل، وهو ما يعد انتهاكا للاتفاقيات الدولية التي تحرم إبادة الجنس البشري، وكشف الجمالي سياسة فرنسا القائمة على إفناء الشعب الجزائري وقمعه.
ولفت مندوب العراق، فاضل الجمالي، نظر أعضاء جمعية الأمم المتحدة، إلى المآسي أو المذابح التي حدثت في المجر، وشبّهها بما تقترف فرنسا بالجزائر ضد شعب أعزل، مقارنا بين سياسة لاكوست الإجرامية وسياسة لكادار الشيوعي في المجر، داعيا إلى العدالة في المواقف بإزاء الجرائم التي تحدث في أوروبا وإفريقيا، رافضا ازدواجية المعايير الغربية، وأكد أن الحرية والحياة الإنسانية هي ذاتها، ولا اختلاف بينها إن اختلفت الأقطار.
خلال دورة الأمم المتحدة ال 13 مابين 1958 و1959، شارك الوفد العراقي في مناقشة القضية الجزائرية في اللجنة السياسية، وكان العراق من بين الوفود المطالبة في هاته الدورة، بحق الجزائريين في تقرير مصيرهم، وكان هذا الموقف حدثا بارزا على الساحة الدولية خلال هاته الفترة.
وفي اجتماع حلف بغداد الذي انعقد في 27 جانفي 1958 بتركيا، آثار الوفد العراقي القضية الجزائرية التي حاول المندوب الانجليزي إلغاءها من جدول الأعمال، بدعوى أن القطر الجزائري المحتل جزء من فرنسا، وهو قضية فرنسية لا ينبغي للحلف التكلّم عنها، غير أن الجمالي تصدى له وأكد أن الجزائريين لم يكونوا يوما فرنسيين، ولا يرغبون أن يكونوا فرنسيين، وأن الجزائر أرض محتلة، وقال إن الوقت حان لأصدقاء فرنسا لمواجهة الحقائق في الجزائر، والاعتراف بأن إراقة الدماء يجب أن تنتهي، عبر الاعتراف بحق الجزائريين في تقرير مصيرهم طبقا لميثاق الأمم المتحدة، وشدّد على هاته المطالب رئيس الوزراء العراقي نوري سعيد، لكن المطالب العراقية لم تؤخذ بعين الاعتبار من طرف حلف بغداد ولم تدرج ضمن قراراته النهائية.
من جانب آخر، زار وفد جزائري بغداد، برئاسة الشيخ محمد البشير الإبراهيمي بتاريخ 31 مارس 1956، والتقى رئيس الوزراء نوري السعيد ووزير خارجيته، برهان الدين باش عيان من أجل حشد الدعم المعنوي للثورة الجزائرية في المحافل الدولية، وتقديم الدعم المادي بالسلاح والمال في ساحات القتال. وبعد ثورة 14 جويلية 1958 وقيام النظام الجمهوري، وخروج العراق من حلف بغداد في 24 مارس 1959، وجلاء القوات الأجنبية عن أراضيه، قوّى وكثف دعمه للجزائر، حيث زار وفد من الحكومة المؤقتة العراق، برئاسة فرحات عباس، بتاريخ 21 أفريل 1959، ضمن جولة لحشدا دعم الدول العربية، وحظي الوفد الجزائري باستقبال جماهيري حاشد، قدر وقتها بمائة ألف عراقي، وكانت بغداد أول دولة تعترف ضمنيا بالحكومة الجزائرية المؤقتة التي قامت بتاريخ 19 سبتمبر 1958، بالقاهرة.
75 ألف دينار عراقي دعما للثورة الجزائرية
وبعد هذه الزيارة، قاطعت الحكومة العراقية فرنسا اقتصاديا، وأرسلت مذكرة للدول العربية بتاريخ 30 نوفمبر 1959 للجامعة العربية بشأن مقاطعة باريس اقتصاديا، وفي الجانب المادي قدمت الحكومة العراقية دعما ماديا للجزائر في 1956، بلغ 75 ألف دينار عراقي، وحدّدت الجامعة العراقية نسبة مساعدات بلغت حوالي 320 ألف جنيه إسترليني.
وتسلّم الوفد الجزائري مبلغ 175 ألف دينار عراقي، إلى جانب مساعدات عسكرية رغم قلّتها، واستفاد المجاهدون الجزائريون من أول شحنة من الأسلحة بتاريخ 16 جوان 1957، قدرت بثلاث أطنان، إلى جانب ألفي بندقية فرنسية الصنع وخمسين ألف طلقة، تلّقتها الجزائر عن طريق سوريا ثم ليبيا، إلى الجانب الأسلحة التي اشتريت من إيطاليا بحوالي 7000 دينار عراقي، وهذه الأرقام تعكس مدى تفاعل ودعم العراق لثورة التحرير في أحلك الظروف.
دعم شعبي لا محدود
أما الموقف الشعبي، فقد كان مندّدا بالاستعمار الفرنسي، معلنا تأييده للثورة الجزائرية، وشكلت لجان المساندة المادية، بما فيها جمع تبرعات مالية وطبية وغذائية، وكانت المساعدات العراقية الغذائية فعّالة لأنها تأتي في الأزمات.
كانت فرصة وصول فريق منتخب جبهة التحرير الوطني إلى بغداد في جويلية 1958، وإجرائه ثلاث مباريات بالعراق، مناسبة عظيمة عبرت من خلالها الجماهير العراقية عن مدى تعلقها بالثورة الجزائرية، واستعدادها لتقديم كل جهد مالي ومعنوي لنصرتها. بعد كل مباراة يجريها فريق الجزائر ببغداد.
كان حشد المواطنين ضخما إلى درجة أن مدرجات ملعب الإدارة المحلية وملعب الكشافة لم تستوعبهم، لتتحوّل التّجمعات إلى تظاهرات جماهيرية صاخبة تطوف شوارع بغداد، حاملة الأعلام الجزائرية واللاعبين الجزائريين، وتطالب بمضاعفة الدعم المالي والعسكري للثورة، وتطالب بفتح أبواب التطوّع للتوجّه إلى الجهاد لتحرير الجزائر. ولم يترك العراقيون فرصة أو وسيلة إلاّ قدّموها عربون محبة وتضامن لممثلي الثورة ببغداد.
وحمل الجمهور العراقي اللاعبين الجزائريين على الأكتاف وهتفوا للفريق الجزائري في الشوارع والملاعب، وذهب بهم الحماس نحو التعبير بكل محبة وصدق، مع الدعاء من أجل أن يفوز الفريق الجزائري على الفرق العراقية وتبقى شباكه نظيفة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.