طوت محكمة الجنايات الإستئنافية لدى مجلس قضاء قسنطينة، أحد أكثر الملفات إثارة والتي تمت فيه متابعة شاب من ولاية بجاية بالانخراط ضمن منظمة إرهابية تنشط في الخارج، بعد تشابه الملامح بينه وبين مرافق الإرهابي المغربي عبد الحميد أباعود مهندس الهجمات الإرهابية التي استهدفت باريس سنة 2015. بينت مجريات جلسة المحاكمة، أن قضية متابعة الشاب الجزائري المنحدر من قرية ثاموقرة بولاية بجاية، المغترب ببلجيكا والبالغ من العمر 32 سنة، تعود لأسبوعين من وقوع اعتداءات باريس، أين بثت قناة إخبارية فرنسية وقتها، مقطعا لشريط فيديو ظهر فيه الإرهابي المغربي أباعود مدبر ومهندس الاعتداءات الإرهابية مع شخص آخر يقود السيارة، كان شديد الشبه بالمتهم، إلى درجة أن سكان قريته، ممن شاهدوا مقطع الفيديو على القناة الفضائية، اعتقدوا أن ابن بلدتهم هو مرافق أباعود. وقد انتشرت تلك المعلومات بين سكان القرية إلى أن وصلت إلى عناصر فرقة الدرك الوطني بثاموقرة، الذين باشروا تحرياتهم وتحقيقاتهم التي بينّت أن المتهم قد غادر الجزائر باتجاه تركيا سنة 2012، لينتقل منها بطريقة غير شرعية نحو اليونان، قبل أن يتمكن بعدها من التنقل إلى بلجيكا والإقامة هناك، بعدما نجح في تسوية وثائقه الإدارية بعد زواجه من سيدة بلجيكية. كما بينت الخبرة التقنية بمطابقة صور سائق السيارة مرافق الإرهابي أبا عود والمتهم، وجود شبه في الملامح بينهما بنسبة 72 بالمائة. الشاب المتهم صرح خلال محاكمته أنه علم بالتحقيق المفتوح ضده من طرف المصالح الأمنية في الجزائر، عن طريق شقيقه الذي استمع عناصر الدرك الوطني إلى تصريحاته، مضيفا أنه توجه إلى سفارة الجزائر في بلجيكا، التي وجهته إلى القنصلية أين سلمها كل الوثائق التي تثبت أنه لم يغادر التراب البلجيكي وأنه لم يسافر إلى فرنسا في تلك الفترة. وأضاف المتهم أمام هيئة المحكمة أنه قرر خلال شهر فيفري من سنة 2016 العودة إلى الجزائر لزيارة والدته المريضة، عبر مطار هواري بومدين بالجزائر العاصمة، واستكمل كل إجراءات السفر بطريقة عادية دون أن يتم توقيفه، ليقرر بعدها التوجه إلى مقر فرقة الدرك الوطني، أين تم سماعه على محضر رسمي وتقديمه أمام العدالة التي أودعته رهن الحبس المؤقت، مؤكدا أنه لا توجد له أية علاقة بالجماعات الإرهابية، وأنه تفاجأ لما علم أنه مبحوث عنه من طرف المصالح الأمنية. ممثل النيابة العامة التمس تسليط عقوبة السجن النافذ لمدة 20 سنة على المتهم، أما دفاع المتهم في مرافعته فاستعرض كل تفاصيل القضية، مؤكدا أن صورة الشخص الذي ظهر في مقطع الفيديو على القناة الفرنسية، هي لشخص آخر وقد قتل في سوريا، وأن الصحافة في مختلف بلدان العالم قد تحدثت عن خبر وفاته، كما أن العدالة الفرنسية قد أغلقت نهائيا ملف متابعته بعد التأكد من مقتله في سوريا، وأضاف دفاع المتهم أن موكله لم تسجل في حقه أي تجاوزات في تحويلاته المالية، كما أنه يحوز إشهادا من بلدية سانت جيل ببروكسل يؤكد أنه كان متواجدا في مقر عمله بدوام كامل يوم الهجوم الإرهابي على مسرح باريس، ملتمسا تمكينه من حكم البراءة من التهمة المنسوبة إليه. جدير بالذكر أن محكمة الجنايات الإبتدائية بقسنطينة كانت قد أصدرت خلال شهر جانفي الماضي حكما يقضي بإدانة المتهم بالتهم المنسوبة إليه والحكم عليه ب 10 سنوات سجنا نافذا.