سخّر الشباب جميع الإمكانيات المادية والبشرية وكذا مواقع التواصل الاجتماعي لإنجاح الحراك الشعبي ونقل أوجهه وصوره في حلة بهية وكذا العمل على إيصال صداه إلى العالم قاطبة، ولذا أطلقوا عدة تحديات مستغلين تطبيق تيك توك الشهير بميزاته المختلفة للتعبير عن حبهم الكبير لوطنهم وضرورة العمل لتحريره من أيدي العصابة. استغل غالبية الشباب المولعين باستخدام التكنولوجيا تطبيق التيك توك الذي يحظى برواج كبير هذه الأيام، لتصوير عدة فيديوهات وإطلاق تحديات يعلنون من خلالها رفضهم للأوضاع السائدة، ومطالبتهم برحيل أوجه النظام المتعددة التي لا هدف لها سوى نهب أموال الشعب، حيث ارتدى التطبيق العالمي ألوان الراية الوطنية حتى كادت مواقع التواصل الاجتماعي واليوتيوب تنفجر من كثرة الفيديوهات المصورة منذ 22 فيفري الماضي إلى يومنا هذا. من أشهر التحديات وأولها على التيك توك كان “هبال العهدة الخامسة”، حيث صور الشباب مئات مقاطع الفيديو يعلنون فيها رفضهم لترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة للعهدة الخامسة بطرق متعددة، فهناك من راح يغني “جيبو البياري وزيدو الصاعقة مكانش الخامسة يا بوتفليقة”، وهناك من ارتأى التعبير من خلال أغان ساخرة فعلى وزن أحد إشهارات الشامية ظهر شباب يرقصون ويغنون: “العهدات كامل ليا” في إشارة إلى بوتفليقة وانفراده بالحكم، بينما عبرت إحدى الفتيات عن رفضها للعهدة الخامسة بطريقة مبتكرة من خلال التحكم في سرعة السيارة التي كانت تمر بسهولة إلا أن السرعة الخامسة صعبة لتشير بيدها “لا” وهو الرفض، وتفنن الشباب في إعلان رفضهم من خلال فتح أربع قارورات مشروبات غازية بسهولة والخامسة وجدوا فيها صعوبة.. وهناك من أراد التعبير باختيار عروس خامسة وهو غير جائز شرعا. تحديات خطيرة للتشويش على الذباب الإلكتروني لم تتوقف إبداعات ومواهب التيك توك حتى بعد إعلان الرئيس عدم ترشحه لعهدة خامسة لتكون في كل مرة الفيديوهات مواكبة للتطورات الراهنة ولما يشهده الأسبوع من أحداث، واعتمد الشباب على الأغاني الوطنية كالنشيد الوطني قسما، موطني، من جبالنا.. وغيرها من الأناشيد الوطنية التي تقشعر لها الأبدان لتصوير فيديوهاتهم، محاولين التأكيد في كل مرة أن شباب التيك توك والفايسبوك هم سليلو جيل الثورة وسائرون على العهد لبناء الجزائر أمانة الشهداء، كما حاولوا الترويج لذلك من خلال صور الشهداء والرموز التاريخية التي تعمدوا وضعها في الغرف والأماكن خلال تصوير الفيديو. وحظيت الأغاني الجديدة المواكبة للحدث على غرار “ألو السيستام” لرجاء مزيان و”لاليبارتي” سولكينغ بحصة الأسد في تحديات التيك توك، حيث كان غالبية الشباب يعتمدون عليها للتعبير عن انشغالهم بقضية الوطن الكبرى، وضرورة استغلال هذه الوسائل للترويج للحراك السلمي، لإفشال محاولات الذباب الإلكتروني المجند من قبل النظام للتشويش عليهم وتشويه صورة الشعب الجزائري الواعي والمتحضر الساعي لبناء جمهورية ثانية. الأغاني الرياضية اللسان الصادق لمعاناة الشباب كما سجلت الأغنية الرياضية المعروفة بتناولها لمشاكل الشعب وهمومه التي تؤرقه حاضره بقوة على التطبيق من خلال أغاني ولاد البهجة على غرار “لاليبارتي الأصلية، بابور اللوح، مكانش الرايس”، وكذا أغاني فريق اتحاد الحراش “مالقيتش كيما حبيت، دزاير كبيرة وفيها فخة”، والعميد مولودية الجزائر “عام سعيد”، فمن خلال هذه الكلمات المؤلمة والموجعة أطلق الشباب العنان لإبداعاتهم وراحوا يصورون حياة البؤس والشقاء ولا بد من رحيل النظام حتى يعود الحق لأصحابه، خصوصا أن جميع الأغاني تحكي عن البطالة، قوافل الحرقة والمخدرات التي غرق في بحر إدمانها خيرة الشباب لينسوا مشاكلهم وهمومهم مثلما نسيهم المسؤولون. ولأن الأغاني الرياضية لسان صدق المجتمع والعاكس لأوضاعه وجميع شعوب المغرب العربي تعيش المأساة ذاتها، اعتمدت فئة أخرى على أغنية “في بلادي ظلموني” لمناصري الرجاء البيضاوي المغربي، لكونها تروي صفحة أخرى من المعاناة بنفس الوجع. زيادة على بعض الأغاني التي سطع نجمها خلال مباريات كأس العالم “لالجيري هي بلادي”، وأغنية رضا الطلياني عن الجزائريين. شباب يعيدون تصوير أفلام ثورية لم تقتصر الإبداعات على الأغاني فقط بل امتدت المواهب لتشمل عالم التمثيل أيضا فقام بعض الشباب بإعادة تمثيل مقاطع من الفيديو الشهير للبودكاستور أنس تينا “أنت لا تستطيع”، وفيه شرح الواقع المرير الذي يعيشه الشعب الذي يمنع الرئيس من الترشح لعهدة خامسة، بالإضافة إلى مقاطع من أفلام ثورية شهيرة لبث الحماس في الشباب وتمسكهم بوطنهم وأرضهم فقد دفع أجدادهم بالأمس حياتهم ثمنا لها وهم اليوم مستعدون للحفاظ عليها والموت في سبيلها، مستندين في ذلك على “معركة الجزائر”، “الأفيون والعصا”، “دورية نحو الشرق”، “الحريق”، “أولاد نوفمبر”، “ريح الأوراس”. الرايات الوطنية والأماكن التاريخية هي الأبرز في الفيديوهات يظهر لمشاهد فيديوهات تيك توك الوطنية حرص الشباب الجلي على إبراز الراية الوطنية بأحجامها المختلفة وكذا البرانيس وقبعات الرأس حتى ينجحوا في إيصال أفكارهم والتعبير عنها، في الوقت الذي انتهج بعض الشباب أساليب تصوير احترافية من مواقع في أعالي العاصمة حيث يظهر فيها مقام الشهيد والبنايات والبحر والراية الوطنية ترفرف في الأعلى، وهو ما شدد شباب الولايات الأخرى على إبرازه من خلال عودتهم إلى المعالم التاريخية الأشهر في ولايتهم ذات الرمزية وأبرزوها في فيديوهاتهم، وهو ما ينم عن تمسكهم بالماضي واستعدادهم لتكرار تجربة الأجداد.