تطفو إلى السطح عشية كل تشكيل حكومي جديد في الجزائر أسئلة أساسية حول المعايير التي يجب أن تتوفر في من يرشح لمناصب الاستوزار، وبالرغم من فصل الدستور في طريقة الاستشارة والتعيين، إلا أن الواقع يقدم اعتبارات أخرى على غرار الجهة والمسافة من صناع القرار والمال والعلاقة بالعسكر. ينص الدستور الجزائري في مادته 79 على أن رئيس الجمهورية يعين أعضاء الحكومة بعد استشارة الوزير الأول، عكس ما كان عليه الأمر في نفس المادة قبل تعديلها في 2008، حيث يقدّم رئيس الحكومة أعضاء حكومته الذين اختارهم لرئيس الجمهورية الذي يعيّنهم، فهل اختار بوتفليقة أسماء حكومة سلال3 وعينهم بعد استشارة مدير حملته الانتخابية؟ وهل حقيقة هناك التزام ببنود الدستور في تعيين الحكومات، أم أن التعيين يتم عبر أنماط أخرى غير ظاهرة؟ يقول المحلل السياسي عبد العالي رزاقي أن التجربة في تشكيل جميع الحكومات المتعاقبة أثبتت وجود ثلاثة مقاييس يتم اعتمادها لاختيار المرشحين للاستوزار، أولها مدى قرب مسافة المعني بحاشية رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، والتي لخصها في "الزبائنية والجهوية" والقرب من المؤسسة العسكرية والمخابرات، قبل أن يلتحق عامل المال كأحد أبرز المعايير في التعيين في المناصب السامية. ويضيف رزاقي في تصريحات ل"الشروق" أن الرئيس بوتفليقة طيلة 15 سنة من الحكم، لم يمنح أي فرصة لرئيس حكومته في اختيار الأشخاص الذين يعمل معهم، حيث جرت العادة على أن الرئيس يسلم في نفس اليوم لرئيس الحكومة الذي يعينه قائمة أعضاء الجهاز التنفيذي. ويعتقد المتحدث أن هذه المرة الأولى من نوعها التي منح فيها الرئيس لعبد المالك سلال الحرية في اختيار من يعمل معه، بعد أن فشل في استقطاب أطياف المعارضة للمشاركة في الحكومة الأولى للعهدة الرابعة، معتبرا أن الحكومة الحالية بمثابة مكافأة لأشخاص ساهموا في رفع نسبة المشاركة خلال رئاسيات 17 افريل المنصرم، غير انه يبرز أن تشكيلة حكومة سلال3 تناقض مشروع الرئيس بخصوص حكومة توافق وطني. ويدور حديث أن الرئيس بوتفليقة سارع إلى الإعلان عن أعضاء حكومة سلال3 قبل الانتهاء من تحقيقات "الأهلية" التي تعدها مصالح الأمن حول الشخصيات المرشحة لتولي مناصب سامية في الدولة، وهو مؤشر فهمه الكثيرون حول تحييد دور "المخابرات" في تعيين الوزراء، أو على الأقل عدم مشاركتهم في العملية.