في هذا الحوار القصير الذي أدلى به ل"الشروق" يرى محمد السعيد، سفير الجزائر الأسبق بالبحرين، أن ما يجري في الخليج هذه الأيام هو نتيجة لحساسية السعودية من أي موقف خليجي يتعامل بشكل طبيعي مع إيران، فهي تريد مواقف خليجية مُطابقة لموقفها. ويستغرب محمد السعيد كيف تعادي بعض دول الخليج قطر لأنها استضافت حركة حماس وكذا الإخوان المسلمين الذين يعدّون مكونا سياسيا موجودا في الدول الإسلامية، ويتوقع انفراج هذه الأزمة بعد أن بلغت أقصى درجات التدهور. كيف تقرأ التطورات في منطقة الخليج؟ وماهي أسبابها؟ ربما غرق السعودية في الوحل اليمني والسوري، وفشلها في تركيز زعامتها في منطقة الخليج، دفعها لاتخاذ هذا الموقف المفاجئ وغير المعهود مع الملوك السابقين، عهد الملك سلمان تميَّز بمواقف متطرِّفة غريبة عن ما هو معروف عن المملكة، ما يحصل شيءٌ جديد في الحياة السياسية السعودية. ثانيا، المملكة بوجودها في وضع صِدام مع إيران، تكون غير مرتاحة لأي موقف خليجي يتعامل مع إيران بصفةٍ عادية وطبيعية، وتعتبر أن كل دول الخليج ملزَمة بتبني مقاربتها إزاء إيران، وهذا ليس معقولاً، قطر لها مصالح إستراتيجية مع إيران تخصّ الغاز. وثالثا، الأسباب غير المقنعة المقدَّمة من طرف الدول المقاطِعة، أنا لا أفهم إلقاء لوم على دولة لأنها تؤيِّد حركة حماس والإخوان المسلمين، حماس حركة تحرير فلسطينية أصيلة تحمل السلاح ضد الصهاينة، ولهذا غير مقبول أن نجرِّم دولة رعت وساندت حماس، أما عن حركة الإخوان فهي تيارٌ إسلامي متواجد في الدول العربية، على الشعوب العربية أن تقرر مصيرهم وليس على الأنظمة أن تفعل ذلك، في كل منطقة عربية لها تيارات إسلامية والشعوب لها أن ترسم سياستها مع التيارات حسب مصالحها.
حصرتَ الخلاف بين السعودية وقطر، ماذا عن الإماراتوالبحرين ومصر، هل هم مجرد توابع للرياض في اعتقادك؟ بالنسبة لمصر وضعها يختلف، هي في صراع مكشوف مع الإخوان المسلمين، وتلتقي مع السعودية في هذه النقطة، النظام المصري في موقف ضعف لهذا وقف مع السعودية، أما الإمارات فهي تسير في الركاب السعودي، أما البحرين فمنذ القِدم وبحكم وضعها الاقتصادي الضعيف، وموقفها الضعيف في المنطقة فهي حليفة للسعودية على طول الخط، وما يدفع البحرين في أحضان السعودية تخوُّفها من الأطماع الإيرانية في أرخبيل البحرين، المنامة تبحث عن حامي لها في المنطقة، بينما دول أخرى معروف خطها المنفرد في مجلس التعاون الخليجي فهي سلطنة عمان والكويت.
الجزائر تفاعلت بشكل سريع مع ما حدث، محادثة هاتفية بين مساهل ونظيره القطري، ثم إصدار بيان يدعو للتعقل، فيما عُهد على الدبلوماسية التريث في إبداء المواقف، لمَ هذا التحوُّل؟ سرعة إبداء الموقف الجزائري نتيجة أن الأزمة الخليجية أخذت أبعادا خطيرة، كان بالإمكان لدولة قطر نتيجة لما تعرَّضت له أن ترتمي في أحضان دول أخرى كإيران مثلا، في هذا الوضع التوازن الجيوسياسي والجيواستراتيجي سيتغيّر في المنطقة، الإخوان في الخليج واقصد السعودية وحلفاءها لم يقرؤوا في اعتقادي جيدا نتائج ما قاموا به، لو عقدت قطر حلفا مع إيران لكانت الأمور ستتدهور أكثر فأكثر. بالنسبة للجزائر، لقد اتخذت أفضل موقف، على اعتبار أن التصعيد لن يأتي إلا بمشاكل أكثر وأكثر، وأي انزلاق لن يخدم منطقة الخليج والقضية الفلسطينية ولا الأمة العربية، ما يحصل لن يخدم سوى إسرائيل.
اشتغلت سفيرا في البحرين وتعرف الذهنيات والأنظمة هنالك، ما توقعاتك لمسار الأزمة، انفراج قريب أم ستزداد تدهورا؟ الملف عرف تدهورا إلى أقصى مداه، ولا أعتقد بحصول تدهور أكثر مما حصل إلى حد الآن، أعتقد أن الأمور ذاهبة للانفراج، والحل لن يكون إلا سياسيا.