كشفت الكاتبة الفرنسية بربارا ميتائيس شاستانيي في لقاء مع "الشروق" في باريس، أن كتابها الأخير "وقائع غير المرئيين"، هو حصيلة معايشة دامت سنتين لمجموعة من المهاجرين غير الشرعيين في الضاحية الباريسية. استمعت إلى انشغالاتهم وهمومهم، وحاولت جاهدة على مدار فترة احتكاكها بهم معرفة أسباب ودوافع هجرتهم المحفوفة بالمخاطر. وقامت الكاتبة باقتباس فصول كتابها "وقائع اللامرئيين" إلى عمل مسرحي من إنتاج مسرح "فاغيابل رقم 2" حيث تمت الاستعانة بمجموعة من "الحراقة" الأفارقة والمغاربيين كممثلين رفقة باقي الممثلين في الفرقة المسرحية لأداء أدوار البطولة. الأمر الذي أكسب المسرحية شهرة كبيرة من خلال مشاركتها في آخر دورة لمهرجان "أفنيون" للمسرح، علما أن المسرحية كان لها صدى كبير في الأوساط الإعلامية والسياسية الفرنسية، حيث سارعت السلطات في تسوية وضعية مجموعة كبيرة من المهاجرين غير الشرعيين الذين تحصلوا على وثائق الإقامة. وتطرقت الكاتبة المسرحية "بربارا ميتائيس شاستانيي" في آخر إصدار لها "وقائع غير المرئيين" إلى مأساة اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين على ضوء ظاهرة تدفق اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين على الدول الأوربية عامة وفرنسا خاصة من ضحايا النزاعات والحروب التي تشهدها بعض المناطق في إفريقيا وآسيا والشرق الأوسط، فضلا عن تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في البلدان التي تعاني شعوبها تضييقا على الحريات، دفعت بموجة جديدة من المثقفين الفرنسيين، كتابا ومخرجين مسرحيين إلى تقفي آثار هذه الفئة داخل مراكز الحجز والملاجئ والأماكن القذرة كالأنفاق والأقبية على خلفية الأوضاع المأسوية التي يعيشها المهاجرون غير الشرعيين. ويقدم كتاب "بربارا ميتايس شاستانيي" "وقائع اللامرئيين" نموذجا عن هذه الفئة بأسلوب أدبي وشاعري يستعمل حوارات مباشرة مثقلة بالهموم والأشجان تستنطق من خلاله الكاتبة مخاوف المهاجرين غير الشرعيين بأسلوب قريب إلى دراسة اجتماعية وأنثروبولوجية داخل مجتمع البيض الذي يرفض الآخر حيث تشتغل الكاتبة على تفكيك آليات الهوية الوطنية لدى المجتمع الفرنسي وتركيبتها المعقدة. وتتهم الكاتبة في مقدمة كتابها السلطات بالتمييز والعنصرية ضد المهاجرين وتنتقد تخاذل سلطات بلادها في التكفل بهذه الشرائح الاجتماعية التي باتت تشكل عبر السنوات نسيجا اجتماعيا من المجتمع الفرنسي. تقول: "إنهم غير المرئيين، أولائك الذين لا ترغب الإدارة رؤيتهم. الذين يحتجزون ويطردون.. الذين يستيقظون باكرا ويعودون في وقت متأخر.. الذين يقطنون الملاجئ والأماكن القذرة غير الصحية.. إنهم يعيشون هنا.. يعملون هنا.. ولكنهم محرومون من زيارة الأماكن العامة، يتجنبون الأماكن التي يتردد عليها أصحاب البشرة البيضاء. إنهم لا يترددون على المقاهي والحدائق أو قاعات السينما والمسارح تجنبا لمداهمات الشرطة والتفتيش لأنهم دون وثائق هوية، ولا سقف. لا صوت لهم، لا وجه لهم. إنهم يعيشون في مدينة أقفالها محكمة، بينما فتحت أبوابها على الآخرين للتجوال في وضح النهار بكل حرية.."