قدم الفيلم الوثائقي "رصاص 14 جويلية 1953" للمخرج الفرنسي "دانيال كيبفرشتين" لأول مرة حقائق تاريخية جديدة حول المجازر الدموية التي ارتكبها البوليس الفرنسي ضد الجزائريين داخل فرنسا، حيث يسلط الضوء على مسيرة سلمية، في قلب العاصمة باريس، نظمها عمال جزائريون في المهجر بينهم مناضلون من حزب الشعب و حركة انتصار الحريات الديمقراطية للمطالبة بإطلاق صراح الزعيم التاريخي مصالي الحاج، فضلا عن مطالبتهم بتحرير الجزائر من قبضة الاستعمار، رافعين الراية الوطنية، كان ذلك في سياق الاحتفالات السنوية للعيد الوطني الفرنسي 14 جويلية، وسط حضور رسمي وجماهيري كبير، حيث تعرض موكب المهاجرين الجزائريين إلى إطلاق نار من طرف البوليس الفرنسي ما أدى إلى سقوط عشرات الضحايا بينهم 7 قتلى. إنطلق المخرج الفرنسي دانيال كيبفرشتين خلال رحلة البحث عن حقائق هذه المجزرة الرهيبة التي هزت الرأي العام الفرنسي، خاصة لدى الطبقة العمالية والتنظيمات النقابية من أرشيف الإعلام الفرنسي في شكل مقالات صحفية صدرت في تلك الفترة، كما دعم الفيلم الذي شارك ضمن فعاليات الطبعة الرابعة لبانوراما الفيلم الثوري والوثائقي لمدينة مستغانم بشهادات مهمة لمناضلين جزائريين شاركوا في تلك المسيرة السلمية، حيث أجمع مناضلو حزب الشعب وحركة إنتصار الحريات الديمقراطية في تلك الفترة على الوحشية والقمع الذي تعرض له الجزائريون على يد البوليس الفرنسي باستعمال الرصاص الحي والهراوات لإبعاد الجزائريين عن المسيرة، الأمر الذي تسبب في حدوث انزلاقات خطيرة بعد سقوط ضحايا جزائريين بينهم نقابي فرنسي، كما قدمت ابنة الزعيم التاريخي مصالي الحاج، السيدة جنينة شهاداتها عن تلك الأحداث المأسوية، باعتبارها كانت ضمن المشاركين في تلك المسيرة وعمرها لا يتجاوز 15 عاما، حيث أكدت على الطابع الوحشي وغير الإنساني في تعامل البوليس الفرنسي مع مسيرة الجزائريين التي كانت تجوب الشارع الرئيسي ضمن مجموعة كبيرة من التنظيمات والجمعيات الفرنسية. وسلط الفيلم الوثائقي الضوء على شهادات مهمة أدلى بها عنصران من الشرطة الفرنسية، شاركا في حملة القمع والاعتقال التي مورست ضد الجزائريين، معترفين بصدور أوامر من القيادة يتعين تنفيذها على الأرض لتفريق الجزائريين من خلال استعمال الرصاص الحي، حيث خلصت تحقيقات المخرج الفرنسي من خلال العودة إلى أرشيف تلك الفترة، سواء تعلق الأمر بمحاضر الشرطة أو شهادات مجموعة من الفرنسيين، خاصة المصور الصحفي بجريدة "ليمانيتي"، إلى حقيقة تخالف شعارات الديمقراطية الفرنسية بأبعادها الثلاث"حرية،عدالة،أخوة"، من خلال تزوير أقوال الشهود واعتبار تدخل الشرطة بأنه دفاعا عن النفس، ليدفن ملف الضحايا نهائيا بالرغم من محاولة العائلة الفرنسية متابعة الجناة قضائيا، غير أن كل مساعيها القضائية والإدارية التي امتدت على مدار 25 عاما إلى غاية سنة 1975 باءت بالفشل.