يعتقد سكّان مدينة "شنيني" ذوو الأصول الأمازيغية الواقعة على بعد 20 كلم عن ولاية تطاوينجنوبتونس، أنّ قصّة أصحاب الكهف التي ورد ذكرها في القرآن الكريم قد جرت أحداثها في منطقتهم، وأنّ مقام المسجد الصغير المعروف باسم "الرقود السبعة"، هو المكان الذي أوى إليه الفتية (أهل الكهف) وهم مدفونون في "الغار"(الكهف) الكائن في قمة أحد الجبال الذي أسسّ فيه أجدادهم مدينة "شنيني" منذ قرون عدّة. لا يمكن لأي زائر لمدينة تطاوينالجنوبية، أن يمرّ على تراب هذه المنطقة السياحية دون أن يزور قرية شنيني تحت تأثير حديث أهل المنطقة عن إحدى أهم القصص التي وردت في القرآن الكريم، ولا تزال محل تضارب في الآراء و التخمينات من حيث نسبتها لأي بلد من البلدان التي تتنافس على ملكية هذا التراث الإنساني على غرار دولة اليمن، تركيا، العراقالأردن، وتونس، حيث دخل هذا البلد المغاربي خلال السنوات الأخيرة في صف هذه الدول عبر أثار قرية شنيني التي أسسها السكان الأمازيغ منذ القرن 12 ميلادي، والتي تضم واحدة من الأساطير الضاربة في عمق التاريخ، ويتعلق الأمر بمقام "الرقود السبعة"، حيث اختار أن يؤسّسها عدد من السكان الأمازيغ منذ القرن 12 ميلادي فوق أسفح الجبال تعتبر امتدادا لسلسلة جبال الأطلس.
رموز أمازيغية عن المعجزة الإلهية "أهل الكهف"؟ ! وفي سياق رحلة اكتشاف هذا المعلم التاريخي، زارت "الشروق" قرية شنيني لاكتشاف آثار هذه الأسطورة التي صنع مشهدها مقام الرقود السبعة، وهو فضاء ديني يتربع على مساحة 200 متر مربع تتوزع عبره أضرحة عملاقة يتجاوز طولها 4 متر، يعتقد سكان المنطقة أنّها لأصحاب الكهف "الذين هربوا من بطش الملك دوقيانوس الذي أراد قتلهم بعدما اكتشف إيمانهم وتوحيدهم للّه بالعبادة". ويقع الغار أي الكهف في الناحية الخلفية للمسجد الصغير الذي تنتشر داخله كتابات حائطية ورموز أمازيغية، وتقول الأسطورة أن هوة الكهف مغلقة بإحكام بطبقات صخرية يستحيل فتحها أو هدمها، كما يؤكد أهل المنطقة الذين استفسرتهم الشروق، أنّ المعجزة الإلهية هي أغلقت الغار لحماية الأولياء الصالحين منذ آلاف السنين. وفي سياق رحلة البحث والاكتشاف، يؤكد حارس المقام وهو الدليل السياحي ، بوبكر الزيان، البالغ من العمر 25 عاما، أن أهالي المنطقة على يقين بأن المقام هو لأهل الكهف، كما ورد ذكرهم في القرآن الكريم وفي ذلك دلائل ومؤشرات قرأنية على غرار اتجاه الشمس في قوله تعالى "وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال".
الصومعة "راكعة" نحو اتّجاه القبلة؟! ويضيف الدليل السياحي بخصوص مقام الرقود السبعة "أن الصومعة يميل اتجاهها نحو اتّجاه القبلة"، ثم يتابع: "تمّ ترميم الصومعة في مناسبات عديدة من أجل تسوية الاعوجاج الخفيف فيها، غير أنّه بعد كلّ ترميم سرعان ما تعود إلى الانحناءات الخفيفة"، ويختم: "إنّها راكعة نحو اتّجاه القِبلة". لقد لعبت هذه الروايات الأسطورية دورا بارزا في أن يتحول مقام الرقود السبعة في قرية شنيني إلى وجهة سياحية بفضل أثارها التاريخية والدينية تستقطب مئات السياح الأجانب والعرب، حيث صادفنا خلال تواجدنا بالمكان عدد من السياح الأوروبيين ومجموعة زوار من تونس وخارجها يزورون المقام بهدف التبرك والصلاة داخل المسجد. تجدر الإشارة إلى أن عديد الأبحاث التاريخية والأثرية إلى جانب الدراسات التاريخية التي نفذتها عدة جهات حكومية في تونس، ساهمت في تصنيف معلم الرقاد السبعة كأحد المعالم التاريخية المصنفة ضمن التراث العالمي لدى منظمة اليونسكو، يحظى من خلالها المعلم بمشروع ترميم وحماية.