و إن اختتم المؤتمر العلمي "السلطة والمعرفة في المسرح"، الثلاثاء، إلا أن الرؤية الجزائرية كفكر ومشروع حضرت في المهرجان العاشر بتونس، في المداخلات والمحاضرات عبر العمق المسرحي الجزائري، لتسهم في رفع طلب للهيئة العربية للمسرح بأن تكون القدس محور الملتقى العلمي القادم. مؤتمر قارب وناقش "الثقافة الرقمية وعلاقتها بالمسرح"، في جلسة عرفت غياب المحاضرين، إلا الأستاذة صوالح وهيبة من الجزائر التي قدمت "الفرجة على المسرح الرقمي التفاعلي" من خلال الفرجة على المسرح بواسطة المؤثرات من أصوات، ألوان، أشياء، إضاءات... وهو ما يصنع رد الفعل بتعدي الرؤية إلى التحرك نحو المقدم حركيا عبر العرض، مؤكدة أن توظيف الثقافة الرقمية ما هو إلا لتطوير ودعم الفرجة ثم تأكيد وإبراز صورة المتلقي كفاعل مشارك في العرض. وفي محور سلطة المؤلف ومعارفه، شاركت الأستاذة لوت زينب من الجزائر عبر الكاتب المسرحي بين السلطة الفكرية والسلطة الجمالية، فتوقفت عند موضوع سلطة المؤلف والمهيمنات التاريخية والجمالية والثقافية في ثنائية المسرح السردي "النخلة وسلطان المدينة" عبر مسرحية النخلة والمدينة للجزائري عز الدين جلاوجي، الذي يعتقد أن النص يصبح فاقدا لقيمته وقدرته بعد العرض إن لم يكن هناك متلقيا أو ناقدا، يقرأه مثلما يشاء، أما "السلطة والمعرفة في المسرح" ثنائية تجلت عبر عديد العناوين، ومنها الجلسة التي عالجت فيها صراح سكينة تلمساني من الجزائر، التجربة المسرحية الإفريقية باعتبارها من التجارب التي وصلت إلى العالمية، عبر الإجابة عن إشكاليات منها كيف تتحوّل الكتابة المسرحية إلى وسيلة نضال ومقاومة ثقافية؟ وما هي أهم القضايا التي يثيرها المسرح ما بعد الكولونيالي؟ وهذا في التجربة المسرحية للكاتب إيمي سيزير وقضايا ما بعد الاستعمار في أعماله ممثلة في توظيف التاريخ، واستحضار الطقس، كمقاومة رمزية للاستعمار إضافة إلى تقويض الأطروحات الاستعمارية. وصنعت الرؤى الفكرية والجمالية في مسرح علولة مقاربة في الوعي الإيديولوجي وصناعة الفرجة فاصلا في المؤتمر، في محاضرة الدكتور لخضر منصوري التي أكدت أنّ علولة حقق "قفزات نوعية في جل أعماله المسرحية، لأنه استفاد من تجاربه المسرحية الماضية وأخذ منها، ما يبرز معالم مسرحه "الجديد" الذي طمح إليه"، وهو مسرح يستمد ويستقي قوّته من ينابيع التراث والفنون الشعبية التي عرفتها الجزائر والوطن العربي، لكنه عالج قضايا العصر، بنظرة نقدية للمجتمع محاولاً في ذلك إرساء تقاليد مسرحية تنبع من التراث، وتتجه للمجتمع الجزائري. منصوري الذي توقف مرارا عند تجربة "علّولة" كتجربة مسرحية فتية ظلت في طور التشكّل، كما لخص التجربة الفتية التي يزيد عمرها عن ثلاثين سنة من العطاء المتواصل بقوله إن القدر لم يشأ لها أن تكتمل، لأن صاحبها نالت منه أيادي الإرهاب قبل إتمام مشروعه المسرحي.