إستقطبت مسرحية "الغائب" في أولى عروضها لسنة 2018، اهتمام عشاق أبو الفنون من مستغانم وخارجها بينهم ممثلين ومخرجين وأستاذة حضروا من وهران، سيدي بلعباس، عين تموشنت، معسكر وسعيدة، فضلا عن طلبة قسم المسرح بجامعة مستغانم، حيث كانت الأجواء فنية ومسرحية بامتياز بقيمة ومستوى ما قدمه الكاتب عبد الوهاب عيساوي في أول تجربة له في الكتابة للمسرح، وذلك بعد تجربة مثمرة في مجال الكتابة الروائية حصد خلالها عدة جوائز نجح في تقديم معالجة درامية لنص "الغائب" من زاوية اجتماعية رصدت ما يمكن وصفه بتداخل وتشابك العلاقات بين المجتمعين الجزائري والفرنسي. فمن خلال علاقة زواج تجمع بين شاب جزائري ينحدر من أسرة ثورية بفتاة فرنسية، تتأزم علاقة الشاب بوالده المجاهد وبعدها بأسرته مباشرة بعد وفاة الوالد، حيث ينفجر صراع عائلي بعد عودة الابن من فرنسا، حول تقاسم الميرات تحت ضغط الشاب الذي يريد حصته من الميراث، بينما تتشبث العائلة بهذا الإرث التاريخي، حيث يحتدم الصراع بين الإخوة في منحى إيديولجي يتخذ من الخيانة خيانة الأب الشرعي ركيزة رفض الأخر، بينما يصر الشاب الذي نهل من ثقافة الغرب في مسعى انتقامي من كل ما يرمز لسلطة الأب، في محاولة منه التخلص من هذا المقدس الذي لاومه طوال حياته... لقد طرحت مسرحية "الغائب" إشكالية غياب رؤية واضحة للتاريخ في شقه المتعلق بالعلاقات الاجتماعية في ظل بقاء صورة الأب الشرعي عالقة تثير صراع الأجيال أكثر مما تزيل رواسب الماضي . إشتغل المخرج، مولاي ملياني محمد مراد في هذا الإنتاج الجديد بعد تجربة مميزة له مع المسرح الجهوي لمدينة وهران والمسرح الوطني، اشتغل وفق عناصر الفرجة والإبهار بتقنيات حديثة تشتغل على ديكور متحرك يتماشى مع وتيرة تواتر المشاهد، كما استعمل تقنية الديكور المعلق في تصوير المشاهد الداخلية للبيت واستعان بمجموعة من الأدوات على غرار ساعة حائطية عملاقة وبورتري يحمل صورة الأب، أدوات ساهمت في تفكيك الجوانب الرمزية في العرض، حيث ظهر الأداء وطريقة الإلقاء لدى شخوص المسرحية، منسجما مع مكونات السينوغرافيا لمسرحية الغائب، سواء تعلق الأمر بالإضاءة أو الموسيقى، الأمر الذي ساهم في بروز الجوانب الحسية لدى الممثلين ونخص بالذكر الممثل نبيل مغاربي في دور مراد والفنانة مليكة يوسف في دور الأم، إلى جانب الممثل فتحي مباركي في دور علاء، والذي قدم على الركح شخصية طبق الأصل للأب المجاهد، ساهم في تفعيل الصراع الدرامي لدى أفراد العائلة كما شارك في العرض الممثلة شيخ أسماء في دور البنت، جباري محمد في دور نبيل وفيه يعد امتدادا لدور مراد الشاب الذي استهوته الحضارة والثقافة الغربية . وللإشارة فقد استضاف المسرح الجهوي "الجيلالي بن عبد الحليم" لمدينة مستغانم في إطار فعالية مستغانم عاصمة المسرح احتفاء بخمسينية تأسيس المهرجان الوطني لمسرح الهواة، المسرح الجهوي "صراط بومدين" لمدينة سعيدة في آخر إنتاج مسرحي لسنة 2017 والمتمثل في العرض الشرفي لمسرحية "الغائب" تأليف الروائي عبد الوهاب عيساوي وإخراج الفنان مولاي ملياني محمد مراد.