يغيم السقف و ينحدر الضباب حتى الأرضية القابلة للإهتزاز.... الأصوات تتموج و تعلو و تصيب أذني بعطب ما...... الوجوه تشيخ و تعلوها سحنة خضراء... قهقهة ما تنتصب وسط الفراغ.... و أنيني يخفت يدخل مغارة من زمن آخر..... شخص يأتي لم أتبين جنسه ليس بأمرأة أو رجل إنشغل بجهاز غريب أضاء الجدار امامي..... ظلي يحبو على الأرض و أنا أضحك بحبور... نخلات ثلاث تنتصب بين الارض المزروعة والسبخة الحمراء من جديد إرتدت الأشياء ثوب سحابة....لا أذكر كم غفوت أو رحلت الى عالم هلامي بين الشك واليقين... ذاب صوت جدتي بحلاوة أتحسسها دون غيري على لساني.... _ بلى جدتي أنا هنا لم أبتعد....!! ملابسي رثة و دشداشة قصيرة حقيرة تغطي جسدي النحيل و الجوع يمزق خواء معدتي.... الحمى تجعل جبيني يتصبب عرقا .... زوجتي الهرمة تمسحه بخرقة ... _ نحن نعد للجنازة اين وضعت ما وفرته من مال ليوم دفنك؟ المظاهرة تزحف على الجسر ودجلة رقراقة هادئة لا تعبأ بصراخنا .. رفيق سالم يصرخ... يسقط الاحتلال الانجليزي... يسقط نوري سعيد... طفلة صغيرة تقبل يدي...... _ أحبك جدو أريدك ان تأتي معي لترى لعبتي الجديدة............ رنة صوتها الرائعة... الجدار يضيء.. عبود يجلدني بقوة وتنزف جروحي بشدة.... _ هنا ستجلس النساء وسيكون للرجال مكان كاف في الخارج ومن يأتي من القرية يبات في بيت (أبو جاسم ) _ الخرفان جاهزة للذبح.... نار تحت القدور أكاد أشم رائحة الرز وهو ينضج ....... _ سيدي أنهكنا هذا الشيوعي إغتصبناه أربع مرات وحشرنا في مؤخرته قوارير محطمة و أقعدناه فوقها و لم يكلف نفسه عناء الصراخ و ربطناه بالمروحة من رجليه ودارت بنا الأرض ولم ينبس ببنت شفة ... _ جلدناه حتى اهترأ جلده لم يتبق سوى ان اخنقه بيدي ،لم أعد أطيق صبرا عليه إنه يصيبني بالجنون............. إمرأة تتشح بالسواد والدموع تختفي في تجاعيد وجهها _ بعد أهلي كلهم يا آخوي.... تتناثر قبلاتها في كل مكان ..رائحتها تشبه مسك امي حين تتهيأ للنوم و تضع العشاء أمام أبي بخشوع... أمه تركض شبه عارية في الشارع و إثنان ممن يرتدون ملابس عسكرية خضراء يأخذونها و هي تسب وتلعن حتى تغيب في سيارة اسعاف لا نوافذ فيها..... _ أبي هل تسمعني؟.......هل تسمعني؟.... امرأة تصرخ.... بيت (ابو علي) تحول الى حفرة كبيرة في شارعنا و لم ينج احد.... لم تتوقف الحرب.... أشعر بعطش شديد والحر لاهب.... و أنا أواصل السير بإتجاه بغداد...