هي فنانة تشكيلية تونسية ترتقي انتماء إلى مدينة صفاقسمسقط رأسها ومهوى فؤادها، تهتم بالمنمنمات، لأنها وجدت فيها مضامين الهوية المحلية التي حرصت على تقديمها في أعمالها الانطباعية. قدمت للجزائر مرتين -البلد الذي علقت ذكرياته بمخيالها ووجدانها- خلال تظاهرة الجوهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية في المهرجان الثقافي الدولي للمنمنمات والزخرفة، طبعتي 2012 و2013. وقد شاركت بلوحات جميلة في المنمنمات، حيث قدّمت وقتها ثلاث لوحات قبلت منها لوحتان "ليلة العرس" و"سيّدة القصر" ورفضت "بائعة الفل"، أنجزتها كلها بتقنية الأكورال. وقد رأى حينها بعض المختصين في لوحتها ليلة العرس لمسة فنية تجديدية. شاركت في مهرجانات محلية ودولية بالعراق المغرب والجزائر ونالت جوائز وأوسمة. في حديثها للجزائر الجديدة حول الإبداع زمن الحجر الصحي ومرحلة ما بعد كورونا، تبرز بن حسن تجربتها في مواجهة الوباء العالمي، وغلبة النزعة الايجابية المتطلعة للمستقبل بثقة وثبات على غير ها، حيث قررت مريم أن تشغل نفسها وتتصدى للأفكار السيئة التي لطالما كانت تغزوها، وظلت تشارك ولا تزال في معارض منظمة عبر الفضاء الأزرق مثل المعرض العربي للفن التشكيلي تحت شعار "الفن والإبداع يجمعنا". تحكي مريم عن بلدهما واصطفافه في مواجهة الوباء العالمي كما الجزائر فتقول "تونس كسائر شعوب العالم اجتاحها مرض كورونا المعروف بكوفيد -19، فاختارت أولوية الحفاظ على النفس البشرية، واتخذت قرارات إستباقية أعلنت فيها حضر التجول والحجر الصحي التام في وقت مبكر خوفا من تفشي الوباء، معولة على وعي الشعب بدرجة أولى، فتمكنت من السيطرة على كل البؤر الموبوءة، وكانت خطة ناجحة بل ومبهرة أمام العالم حيث لم تحصد الجائحة في تونس عددا كبيرا من الوفيات كما شهدته ولازالت تشهده بقية الدول". وعن أيام كورونا وليالية الطوال تحدثنا مريم بن حسن وهي كمن يصحو من كابوس مؤرق للغاية حيث تقول "لا ننكر أننا عشنا حالات من القلق والفزع، فالأخبار في الخارج لم تكن جيدة وتسر السامعين، والخوف من العدوى ومن فقدان عزيز علينا كان يخنقنا من الحلق، وقد سيطر على كل الأطباء والسياسيين وحولته وسائل الإعلام إلى الساكنة والجماهير ليصبح ذعرا عاما وشاملا كان أرضية خصبة لولادة الإشاعات والأخبار الكاذبة. وقت كبير للقراءة والموسيقى والرياضة خلال الحجر وفي مواجهة الوضعية اتخذت بن حسن لها سبيلا وانتهجت لها طريقا عقلانيا ينأى بها عن القلق الزائد حيث ذكرت أنه أمام كل هذه الظواهر التي تكشف عن الطبيعة الحقيقية للبشر، وأمام انسحاب الإنسان إلى فضاء ضيق واتخاذه كحصن أخير لحماية جسده والحفاظ على وجوده، قررت أن تشغل نفسها وتتصدى للأفكار السيئة التي لطالما كانت تغزوها.. لقد كرست وقتها للأنشطة والأعمال التي تركتها في يوم ما معلقة بسبب ازدحام الحياة وأدركت حقا أنها بحاجة إلى لحظة هدوء وتنوير داخلي تحفزها على الإبداع، حيث أصبح لها متسع من الوقت لقراءة الشعر والروايات وسماع الموسيقى وممارسة الرياضة ومشاهدة الطبيعة الجميلة، وكلها محفزات على الإلهام وقدح شرارة العمل الإبداعي. وتؤكد بن حسن أن الكابوس الذي يعاني منه التونسيون قد وصل إلى نهايته لترتفع المعنويات مرة أخرى ويعود الأمل للحياة، وتستمر الرحلة في هذا الوجود بالجد والمثابرة والاندفاع نحو الأهداف المرسومة. أمنية التسامح بعد الأزمة تمر الأزمة رويدا رويدا ويبقى ما علق بذاكرة مريم بن حسن، فمن هذه الأزمة الصحية غير المسبوقة، ستبقى ذكريات الأيام الطويلة من الحجر في البيوت، ومخاوف حقيقية من الموت، وحيرة حول المستقبل، ولكن أيضا مبادرات التضامن التي أطلقها مواطنون ملتزمون يتنافسون في تقديم المساعدات وتوفير كل الوسائل والموارد الضرورية للمحجورين في بيوتهم لذلك يبقي أبطال هذه الأزمة الأشخاص الذين عملوا وخدموا المواطن دون مقابل، بينما كانت كل مؤسسات الدولة مغلقة. وترى بن حسن أن هذه الوضعيه جعلت العالم كتلة واحدة بعد أن اضطرت الإنسانية جمعاء لمواجهة عدو مشترك، لذلك فهي تعتقد انه من الأرجح أن يصبح البشر بعد هذه الأزمة أكثر تسامحا مع بعضهم البعض.. وستكون العلاقات بين الأفراد أقوى وربما ستراجع البشرية قضية العرق والانتماء واختلاف الأديان إلى غير ذلك من الخلافات والاختلافات. الفنانون واصلوا أعمالهم عبر الأنترنت تقول بن حسن "وعلى غير ما يعتقد البعض، فإن هذه الجائحة لم يكن لها تأثير سلبي على الفن التشكيلي فلطالما اكتشفنا أن الأزمات تمثل بشكل عام قوة دافعة عبر التاريخ، ولكن، قبل كل شيء، علينا أن نميز بين النشاط الثقافي والإبداع الفني، لأنه كما يقول جان لوك غودار الثقافة هي الجهاز الذي يدمر الإبداع الفني، فقد يضعف النشاط الثقافي، لكن الإبداع الفني يحول لحظات الأزمة إلى فرصة للإبداع، وهذا ما لاحظناه في هذا الحدث الاستثنائي، حيث أن الفنانين من حجرهم الصحي كانوا ينتجون ويتواصلون ويتقاسمون الآراء ويشاركون بعضهم إبداعاتهم عبر الإنترنت"، وتضيف "وكنت كبقية الفنانين أتابع هذه الأنشطة وشاركت ولازلت أشارك ببعضها أذكر منها المعرض العربي للفن التشكيلي تحت شعار الفن والإبداع يجمعنا، موقع بوابة الفنون الإلكترونية الذي جمع معارض ونشاطات دائرة الفنون العامة خلال فترة الوباء والحجر الصحي، والذي من خلاله تقربت المسافات واجتمعت الآراء على مبدأ واحد وهو تحدي المستحيل وعدم اليأس ولأن الحياة لابد أن تستمر يجب دعم الفنانين ونشاطهم الفني". الوباء أخضع البشرية لعلاج نفسي جماعي وبشأن الفن والعيش معا في وئام وانسجام وسلام تختم مريم بن حسن حديثها فتقول "وحيث أن الفن التشكيلي يحتاج إلى تجربة تعلمنا تجاوز ضالة النفس، والتغلب على الأنانية والفردية لجعل المشروع الفني مجردا من مصلحة الذات، فإن تجربة كوفيد -19 أخضعت البشرية لعلاج نفسي جماعي كما يقول الطبيب النفسي الدكتور سفيان الزريبي مما جعلهم يرتقون روحيا ومعرفيا، فقد تلقو درسا جيدا في الكرم والتسامح والتضامن على الرغم من بعض مظاهر الأنانية والاستبداد وتبقى هذه الجائحة اختبارا صعبا إلى حد ما ودرسا بشريا جيدا، إلى أن يقول الرحمان كلمته نرجو أن تتجاوزها كل الشعوب بسلام. للتذكير فإن مريم بن حسن فنانة تشكيلية من تونسأصيلةصفاقس، متحصلة على شهادة حرفية من المندوبية الجهوية للصناعة التقليدية، شاركت في مهرجانات محلية ودولية أبرزها، قصر المعارض الكرم تونس مهرجان عاصمة الأنوار للثقافة والفنون في دورته الأولى تذكرة سفر إلى عوالم الفنون الأمازيغية المغربية الرباط بالمغرب الشقيق، المهرجان الثقافي الدولي للمنمنمات والزخرفة تلمسانبالجزائر،لمرتين، معرض نساء الأعمال قاعة مؤتمرات قرمدة صفاقس. قامت بتصميم بعض أغلفة دواوين وكتب طبع منها ديوان "سأظل أمشي" الشاعرة سندس الرقيق. كما تحصلت على شهادة تقدير من النقابة المهنية المغربية، وتحصلت على عدة أوسمة وشهائد تقديرية من تونسالجزائر مصر والعراق رابطة الأدباء والفنانين المبدعين العراقيين.