يواصل المسرح الوطني محي الدين بشطارزي نشاطاته الافتراضية التي اعتمدها منذ تفشي وباء كورونا، حيث برمج عرض "ماكبت" ليوجين يونيسكو وإخراج أحمد خودي، لثلاثة أيام على التوالي عبر قناته بمنصة "يوتوب". ويعتبر هذا العمل قراءة ثانية لمسرحية "ماكبث" للكاتب العالمي ويليام شكسبير. والخاصة بيوجين يونسكو تعري رغبات الإنسان الدفينة وتبرز مشاعره العميقة وتكشف زيف العادات والتقاليد البالية، تعكس كل ذلك في قالب ساخر هزلي تارة، وفي حس تراجيدي عميق تارة أخرى. ماكبت، بانكو، غلاميس، كاندور، وأخيرا ماكول وقبلهم جميعا الملك دانكان؛ هم أطياف من مفاهيم حياتية وجودية، عرتها ساحرتان ظهرتا فجأة ليتفجر الصراع حول مفاتن الحياة وإغراءاتها. وحسب المعلومات المتاحة بموقع مسرح بشطارزي، فإن مخرج العمل أحمد خودي قد صرح حول اختياره لهذا العمل، بأن قوة النص كانت دافعه الرئيسي للاشتغال على "ماكبت" ليوجين ليونسكو، إلى جانب قوة الشخوص، تنوع المواقف والحوارات، ما منحه -يقول- مادة ذات كثافة وتنوع مكنته من العمل بأريحية مع الممثلين، إضافة إلى أن موضوع المسرحية الذي استهواه كثيرا وأغراه للاشتغال عليه. وتكشف المسرحية عبثية العلاقات الإنسانية وخداع الأشخاص المتعطشين للسلطة، والغيرة التي تأخذ بالإنسان إلى أصعب الحدود، فيتحول ماكبت جنرال الملك دونكان الوفي تحت ضغط الطموح إلى قاتل الملوك إلى سفاح مجرم شرس، بدون أدنى ضمير. فهل هذا هو الإنسان؟، يجري وراء سلطة دون مراعاة لأيّ شيء فهل مصير الإنسان المحتوم القيام بأبشع الجرائم؟. ومن خلال مسار "ماكبت" نتبع خطوة بخطوة تطور الطموح الذي يتولّد في القلب ويكبر تدريجيا إلى أن يتملّك صاحبه كلّيا، الطموح الذي يضاف إليه الشّك، الكره، والخداع، إلى درجة أنه يصبح شخصا آخر تسيطر عليه فكرة الوصول إلى السلطة. يكمن مبتغى العمل الإخراجي -حسب المعلومات ذاتها- في الوصول إلى عالم غريب خاص وفريد يجمع بين الهزل والتراجيديا، حيث يشتد الصراع وتحتدم المواجهة إلى حد الاقتتال والموت لكن دون أن يفضي ذلك في النهاية إلى فائز أو منتصر. العمل يخرجه أحمد خودي، والسينوغرافيا لسليمان بدري، تركيب صوتي مجيد منصوري، ونبيلة إبراهيم مساعدة المخرج، توزيع؛ محمد بوعلاق، عبد النور يسعد، أحمد مداح، فيسة منيرة روبحي وحجلة خلادي، يزيد صحراوي، سليمان هورو، صالح نصار، شعبان محمد عزيز. يُذكر أن العرض الشرفي ل"ماكبت" جرى يوم السبت 24 نوفمبر من سنة 2018 بالمسرح الجهوي "كاتب ياسين" بتيزي وزو.
