مع افتتاح الدورة البرلمانية، الخميس، سيجدُ النواب بالغرفة السفلى أنفسهم أمام قوانين ثقيلة الوزن وحيوية، خاصة ما تعلق بالوضع المالي والاقتصادي للبلاد، وهو ما سيكون بمثابة امتحان حقيقي لقياس مدى التزامهم بالوعود التي أطلقوها في الحملة الانتخابية سيما المتعلقة بحماية القدرة الشرائية للجزائريين وبناء اقتصاد حقيقي. وسيكون من بين أول هذه الملفات مخطط عمل الحكومة الذي صادق عليه مجلس الوزراء في اجتماع استثنائي ترأسه أمس الأول رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، والذي تضمن مجموعة من الإصلاحات التي تهدفُ إلى تجسيد إنعاش وتجديد اقتصاديين، وتتمحور هذه الإصلاحات حول عصرنة النظام المصرفي والمالي وإصلاح القطاع العمومي والتجاري وحوكمة المؤسسات العمومية وتحسين جاذبية مناخ الاستثمار وضمان الاستقرار القانوني والمؤسساتي. ويمثل مشروع قانون المالية لسنة 2022 المرتقب نزوله إلى مبنى زيغود يوسف منتصف أكتوبر القادم، ثاني امتحان عسير للنواب لأنهم سيكونون أمام خيارات مُرة، وعادة ما يفجر هذا القانون حربًا ضروسًا بين المعارضة البرلمانية والموالاة والحكومة خاصة إذ ما تضمن هذا الأخير تدابير تنعكسُ سلبًا على القدرة الشرائية للجزائريين وجيوبهم التي أثقلت بالارتفاع الجنوني في الأسعار الذي مس مختلف المواد ذات الاستهلاك الواسع. وستكون لجنة الشؤون القانونية بالغرفة السفلى، بداية من يوم غد، على موعد مع استلام ثمانية نصوص أهمها مشروع قانون يتضمن الموافقة على الأمر 21-01 المؤرخ في 10 مارس 2021، والمتضمن القانون العضوي المتعلق بالانتخابات، وقانون ثاني يتضمنُ الموافقة على الأمر 21_02 الذي يُحدد الدوائر الانتخابية وعدد المقاعد المطلوب شغلها في الانتخابات التشريعية. وستنظر اللجنة ذاتها في مشروع ثالث يتضمن الموافقة على الأمر رقم 21_05 الذي يُعدل ويتمم بعض أحكام الأمر رقم 21_03 المؤرخ بتاريخ 10 مارس والمتضمن القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات. ومن أهم الملفات الثقيلة والحساسة التي قد تتم مراجعتها، ملف التقاعد دون شرط السن الخاص بالعمال المشتغلين لمدة 32 سنة قد تم طرحه على رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، وحسبما كشفهُ الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين سليم لعباطشة فمن المرتقب أن يتم تفعيله على مستوى البرلمان بغرفتيه تحضيرًا لإعادة مُراجعة القانون الذي أثار جدلا واسعًا وأسال الكثير من الحبر على الورق سنة 2017 بسبب اتساع رقعة معارضيه والمطالبين بإسقاطه لأن التقاعد حقا من حقوق الطبقة الشغيلة. هُناك أيضًا قانون الاستثمار الجديد كان مبرمجا إحالته على البرلمان بغرفتيه للمصادقة عليه جانفي الماضي، حسب الوعود والتصريحات التي كان يطلقها بين فترة وأخرى وزير الصناعة السابق فرحات آيت علي، غير أنه لم يثر رغم الحاجة الملحة له من أجل استقطاب الاستثمار الأجنبي، إذ لم تظفر الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمارات باي استثمار أجنبي ضخم منذ انطلاق الحراك الشعبي في فيفري 2019، لتوسع جائحة كورونا التي طرقت أبواب الجزائر في فيفري 2020 دائرة الجمود. وسيكون القانون العضوي الجديد المسير لقطاع الإشهار من بين القوانين التي ستناقش في الدورة البرلمانية المقبلة، ويهدفُ هذا القانون إلى تصحيح الاختلالات والممارسات السابقة المنافية لعمل الإعلام. وكان المجلس الشعبي الوطني الذي أفرزته تشريعيات 12 جوان المنصرم قد تم تنصيبه في الثامن من شهر جويلية في جلسة علنية تم خلالها أيضا انتخاب النائب عن القائمة الحرة "الوحدة والتداول" للدائرة الانتخابية لغرداية، ابراهيم بوغالي رئيسا للغرفة السفلى للفترة التشريعية التاسعة. وكما تنص عليه المادة 138 من الدستور، يجتمع البرلمان في دورة عادية واحدة كل سنة مدتها 10 أشهر وتبتدئ في ثاني يوم عمل من شهر سبتمبر وتنتهي في اخر يوم عمل من شهر جوان، غير أنه بإمكان الوزير الاول أورئيس الحكومة، حسب الحالة، طلب تمديد الدورة العادية لأيام معدودة بغرض الانتهاء من دراسة نقطة من جدول الاعمال. كما يمكن للبرلمان أيضا، طبقا لنفس المادة، "أن يجتمع بناء على استدعاء من رئيس الجمهورية وبطلب من الوزير الاول أورئيس الحكومة أوبطلب من ثلثي أعضاء المجلس الشعبي الوطني". وطبقا لأحكام الدستور أيضا تختتم الدورة غير العادية بمجرد ما يستنفذ البرلمان جدول الاعمال الذي استدعي من أجله طبقا للدستور.