في خطوة استفزازية جديدة، صوت مجلس الشيوخ الفرنسي في قراءة أولية على مشروع قانون لطلب الاعتذار من الحركيين ومواصلة إصلاح الأضرار التي عانوا منها، في وقت أكد عدد من النواب أن القانون لا يمكن اعتباره "تصفية لكل حساب. وتم التصويت على المشروع، ليل الثلاثاء إلى الأربعاء بإجماع المصوتين (331 صوتًا بنعم، وامتناع 13 عن التصويت)، وجاءت هذه الخطوة لتترجم الاعتذار الذي قدمه لهم بتاريخ 20 سبتمبر الماضي، نظير ما اعتبروه إهمالا لهم من طرف الدولة الفرنسية يواصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الاستثمار في قضايا الذاكرة مع الجزائر لأغراض انتخابية محضة وهي نفس الطريقة التي أوصلته عام 2017 إلى سدة الحكم في البلاد. وبعد أن بنى حملته الانتخابية الماضية على وعود زائفة ووصفه للاستعمار الفرنسي بالجزائر بجريمة حرب ضد الإنسانية، عكس ماكرون هذه المرة التيار نحو الحركى في الوقت الذي يطالب فيه الجزائريين بأ، يكون هناك اعتذار رسمي عن الجرائم الفرنسية التي ارتكبت في الجزائر خلال الفترة الممتدة من 1830 إلى غاية الاستقلال. وجاء القانون وفقا لما كشفته الوزيرة المنتدبة للذاكرة وشؤون المحاربين القدامة جنفياف داريوساك "اعترافا من الأمة بالشرخ العميق ومأساة فرنسية وصفحة مظلمة من تاريخنا، أما المقررة ماري بيار ريتشي (يمين)، فاعتبرت أن مشروع القانون "يتضمن تقدّما مهما" لكنه يبدو "غير مكتمل". وكان نواب الجمعية الوطنية، وافقوا في 18 نوفمبر على مشروع القانون الذي يعترف ب "الظروف غير اللائقة" لاستقبال تسعين ألفا من الحركيين وعائلاتهم، الذين فروا من بلدهم الجزائر بعد الاستقلال في 1962، وتم حشد ما يقرب من نصف هؤلاء في مخيمات و"قرى لإعادة تشجير الغابات" تديرها الدولة. ويعتبر ملف الحركى واحد من الأوراق الانتخابية التي يستغلها المرشحون للرئاسة الفرنسية لاستهداف واستغلال أصواتهم وصوت باقي الفرنسيين من بلدان المستعمرات، وهو الأمر الذي دفع ماكرون إلى طلب الصفح منهم، ولا تعد هذه الخطوة الأولى من نوعها بل سبقه إلى ذلك سلفه في الحكم فرانسوا هولاند الذي اعترف هو الآخر بمسؤولية الحكومات الفرنسية بالتخلي عن الحركيين. وينص مشروع القانون على "إصلاح" الضرر، من خلال تقديم مبلغ من المال بحسب مدة الإقامة في هذه الهياكل، وتقدر الحكومة عدد المستفيدين المحتملين بخمسين ألف شخص بتكلفة إجمالية قدرها 302 مليون يورو على مدى ست سنوات تقريبًا. ومن بين التعديلات التي وردت على مشروع القانون، إدراج بعض السجون التي تم تحويلها إلى أماكن لاستقبال المُرحّلين" في قائمة المنشآت التي يستحق الذين استقبلوا فيها التعويض. وندّد عضو مجلس الشيوخ اليميني فيليب تابارو بآلية إصلاح "جزئية ومنحازة"، معبرا عن احتجاجه لأن الذين تم إقصاؤهم "ذنبهم الوحيد هو أنهم لم يعيشوا محاطين بالأسلاك الشائكة". وصادق مجلس الشيوخ على تعديلين لتوسيع صلاحيات لجنة الاعتراف والتعويضات التي أنشأها مشروع القانون، واقترحت الحكومة فتح المجال "لجميع الحركيين" للتقدم إلى هذه اللجنة، التي ستفحص أوضاعهم كل حالة على حدة واقتراح "أي إجراء مناسب للاعتراف" بما عانوه. لكن زعيم كتلة حزب الجمهوريين (يمين) في مجلس الشيوخ، برونو روتايو أراد أن يذهب أبعد من ذلك بتكليف اللجنة بمهمة "اقتراح أي إجراء للاعتراف والتعويض" بالنسبة لكل الحركيين، غير أن الوزير حذرت من إعطاء "آمال كاذبة لهذه الفئة لأنها لا تملك صلاحية منح التعويض بنفسها. وبالرغم من تحقيق ماكرون لمطالب هذه الفئة، غير أنها تبقى في نظرهم "جزئية" لأن مطالبهم الأخرى تتعلق بموقف الجزائر التي تمنع زيارتهم إلى وطنهم الأصلي لأنهم "خونة" وتم "سحب الجنسية الجزائرية منهم. وكان هذا المطلب ضمن التقرير الذي رفعه المؤرخ بناجامين ستورا المتعلق بالذاكرة مع الجزائر إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والذي طالب برفع التعاون بين البلدين لتمكين الحركى من التنقل بسهولة بين البلدين.