نظم معهد سرفنتاس وسفارة إسبانيا بالجزائر بالتعاون مع وزارة الثقافة الجزائرية اللقاء الأول السنوي حول ميغال سرفنتاس بالمكتبة الوطنية بالحامة، حضره عدد لا بأس به من المهتمين بالأدب الاسباني وبحياة وأعمال صاحب رائعة دونك يخوته "دونكيشوت". ويندرج هذا اللقاء الذي اشرف عليه السفير الاسباني بالجزائر "سونتياغو كاباناس أنصورينا" ضمن سلسلة اللقاءات التي ينوي المعهد الاسباني بالجزائر تنظيمها والتي تحظى بحضور كوكبة من المختصين في الأدب الاسباني. أدار اللقاء الكاتبة الشيلية المختصة في الأدب الاسباني أدريانا لسال، ونشطها كل من الأستاذ شكيب بنافري من جامعة الجزائر المختص في الأدب الاسباني وبالتواجد التركي بالجزائر، حيث قدم ورقة بعنوان الجزائر في زمن سرفنتاس". بينما قدم البروفيسور "نوريو شيميزو" من اليابان موضوع " سرفنتاس من وجهة نظر الشرق الأقصى". أما صالح منير الذي حضر دكتوراه حول سرفنتاس فتحدث عن سرفنتاس أسير حسان البندقي بين الحقيقة و الخيال". وفي بداية اللقاء أكد مدير سرفنتاس "خيل كراسكو أو نطونيو" على عالمية مدينة الجزائر التي كانت مصدر إلهام الكاتب العالمي صاحب دونكيشوت. ومن جهته عبر مدير الكتاب والقراءة العمومية بوزارة الثقافة جمال فوغالي الذي حضر بالإنابة عن وزير الثقافة، عن مدى غبطته بهذا الحدث وهو الشغوف برائعة "دونكي خوته" حيث ربط بين هذه الرواية ورائعة ألف ليلة وليلة، وقال بأن سرفنتاس لم يكن يسخر من الفروسية حينما كان يسخر منها، بقدر ما كان يقول أن عالمه كان محتاجا إلى هؤلاء الفرسان الذين يكنون حبا للأخر و نكرانا لذواتهم ، وأضاف المتحدث، بأن عالمنا الحالي مع ما يعرفه من اضطرابات وطغيان وتطاحن، هو محتاج أكثر من أي وقت مضى إلى الفروسية الحقة، ويعد الاحتفاء بسرفنتاس –حسبه- احتفاء بإنسانية الإنسان أمام العولمة الكاسحة وأشار إلى احتفال الجزائر والعالم أجمع في 14 ماي الماضي باليوم العالمي للعيش معا في سلام وختم بأن الإبداع الإنساني وحده هو الذي يجمعنا وأشار إلى معنى الآية الكريمة " وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفو"،وان قيم الخير والجمال والمحبة هي الجوامع الإنسانية. شكيب بن ناصري عاد إلى ظروف انتقال سرفنتاس و أخيه رودريغو في 1575 م وهو يهم بالانتقال من نابولي إلى اسبانيا بعد أن شارك في معركة "ليبانتي" ضد الدولة العثمانية، ليقضي 5 سنوات أسيرا في الجزائر ويطلق سراحه في 1580م نظير فدية أرسلتها والدته. مكن تواجد سرفنتاس بالجزائر خلال هذه المدة من التعرف على المجتمع الجزائري وقتها، حيث أكد شكيب أن المجتمع وقتها كان منفتحا عكس المجتمع الاسباني الذي كان يعاني من الانغلاق. وأوضح شكيب انه كان هناك في تلك الفترة 5 سجون وأن عدد الأسرى كان يتراوح ما بين 12 أو 15 ألف سجين، وأن الدولة التركية في الجزائر كانت تحتاجهم في دفع البواخر ولما برزت البواخر الشراعية الحديثة تم الاستغناء عن سواعدهم. كان سرفنتاس محظوظا حيث كان يسمح له بالتنقل على طول الشريط للمدينة ولم يكن محجوزا كما كان يسمح لبقية الأسرى المسيحيين من الاحتفال بأعيادهم الدينية ومن التسلية وخصص لموتاهم مقبرة في باب الوادي فيما لم يكن للأسرى المسلمين بأوروبا أي حق. وأشار شكيب أن العديد من الأوربيين المسيحيين الذين دخلوا الإسلام صاروا قادة لمعرفتهم بالملاحة البحرية مثل علج علي، علي بتشين وحسان قورصو وكان هذا خلال العصر الذهبي للبحرية الجزائرية خلال القرنين 16 و17 الميلاديين. خلص المحاضر إلى أن الرسالة التي ينبغي أن تصل إلى شباب اليوم في الضفتين اسبانياوالجزائر وهو أن سرفنتاس كان يدعونا إلى التسامح وتبديد العنف وقبول الأخر رغم اختلافه وخلق جسور تواصل بين أفراد العائلة الإنسانية وختم بمقولة ابن رشد " أن الجهل يقود إلى الكراهية وان الكراهية تقود إلى الجهل". وأن لسرفنتاس حسنة هو كونه سافر باسم الجزائر من خلال دونكي خوته عبر المعمورة مما جعل الكثير عبر العالم يريد هذا البلد ورؤية مغارة سيرفنتاس. من جهته قال البروفيسور "نوريو شيميزو" بأن العقل في عملية تخيله قد يخلق وحوشا، وأن فعل الحلم يقود إلى اليقظة، واستعرض في حديثه كتابات سرفنتاس ومن كتبوا عنه وعن عزلته في الجزائر رغم كونه كان يقرأ ويكتب كل ما يراه حيث كان بحوزته كل ما يلزم لذلك، لكن شوقه لاهله اضطره لمحالة الهرب لمرات عديدة 5 محاولات، وأوضح كيف انه جاول الفرار بفضل شخصية "زهارة"، وأضاف بأن إقامته مكنته من معرفة العالم الإسلامي فكانت تجربة جد ايجابية بالجزائر،وأشار المتحدث إلى أهم الترجمات لرائعة دونكيشوت، وقال بأن الكثير كان يعتقد أن سرفنتاس فرنسي واسمه "سرفنتو". وختم المتدخل بقول خورخي لويس بورخيس على الإنسان أن ينسى ما عاشه من أشياء مريرة وأن يكون ايجابيا.