بوجه بريء وضحكة وصوت طفولي وكوميديا غير مصطنعة وإفيهات خفيفة وخفة ظل، نجح يونس شلبي، الذي رحل قبل 11 عامًا، في أن يدخل قلوب الملايين من المشاهدين، الكبار والصغار على حد سواء. حيث توفي في 12 نوفمبر من العام 2007، بأزمة تنفسية حادة، بعد فترة من المعاناة بسبب المرض، إذا كان قد أجرى قبلها عملية لزراعة شرايين في ساقه وجراحة قلب مفتوح، بالإضافة إلى معاناته من تجاهل نقابة الممثلين لمرضه وظروفه الصعبة، لتكون أخر أيام حياته حزينة.يونس شلبي من مواليد 31 ماي 1941، بمدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية، وبدأ مشواره الفني في فرق التمثيل المدرسية في المرحلة الإعدادية والثانوية، ثم درس بالمعهد العالي للفنون المسرحية بالقاهرة وتخرج فيه 1969، ومن بعدها احترف العمل في مجال الفن. بأداء وشخصية الشاب غير الناضج في مسرحية مدرسة المشاغبين عام 1973 ثم العيال كبرت عام 1979، نجح في أن يلفت الأنظار إليه، وفي 1975 بدأ في العمل في السينما في فيلم الظلال في الجانب الآخر، وقدم عدد كبير من الأفلام السينمائية. بلغ عدد الأفلام التي شارك فيها نحو 77 فيلما، كان أغلبها كانت أدواره فيه صغيرة، ومن أبرز أفلامه "العسكري شبراوي، ريا وسكينة، مغاوري في الكلية، الشاويش حسن، عليش دخل الجيش، الكرنك ، رجل في سجن النساء، سفاح كرموز، شفيقة ومتولي، احنا بتوع الاتوبيس، أمير الظلام". من أشهر الأعمال الدرامية والمسلسلات التي عمل فيها شلبي "عيون، الستات ما يعملوش كده، أنا اللي أستاهل، مطلوب عروسة، سبع صنايع، أحلام مؤجلة، سوالف حريم، عباس وحكايته مع الناس، البحث عن الفرصة، في المصيدة، خمسة خمسة، وكسبنا القضية وحكايات صغيرة "، بالاضافة إلى أدائه الصوتي في مسلسل الأطفال الشهير "بوجى وطمطم". ومن المسرحيات التي قدمها "مدرسة المشاغبين، العيال كبرت، الواد الجن، الصول والحرامي، الدبابير، آخر كلام، ومن أشهر الإفيهات له :«إنتى الولية، جاموسة راحت تقابل جاموسة، ملقتهاش جاموسة، لقيتها بقرة يا عينى، والله العظيم الجدع ده بيقول حاجات غريبة".وفي 1980، حصل يونس شلبي على جائزة شرفية عن دوره في فيلم "عشاق تحت العشرين" من المهرجان ال28 للمركز الكاثوليكي.يونس شلبي فنان كوميدي ذو طابع خاص، مكّنته ملامحه التي وُصفت بالطفولية، من التسلل إلى قلوب محبيه وانتزاع الضحكات منهم عند مشاهدتهم لأعماله الفنية. احتل مكانة مرموقة بين نجوم الصف الأول في السينما والتلفزيون، لتميزه بأسلوب تلقائي وبسيط، وهو ما جعل جمهوره يتابع كل أعماله طوال مشواره الفني، وحتى بعد وفاته في 12 نوفمبر 2007.قرر يونس شلبي أن يتزوج من قريبته بالمنصورة، حيث العادات والتقاليد والالتزام، رافضا أن يتزوج من الوسط الفني، كما قال سابقا أنه شديد الغيرة، وأنجب 6 أبناء.يروي محمد نجاح العجوز، أحد أقارب يونس شلبي لوالدته، والمقيم بشارع العباسي بالمنصورة، أن شلبي كان طيب القلب ويسامح بحقه كثيرا، فقد تربيا سويا وكان صديق عمره، ولطالما انتهز أي فرصة لقضاء أجازته بين أصدقاءه القدامى بالمنصورة، ويضيف نجاح، إن نجم الكوميديا كان يجلس معه بمحل الحلويات الخاص به، يتبادلا أطراف الحديث، وكان دائما يحدثه عن الفن ومدى حبه له، كما يأخذ رأيهم بالأدوار التي يقدمها. ويقول شوقي عبد الرحمن، أحد جيران شلبي بالمنصورة، إنه ولد بشارع الحوار بميدان الطميهي بالمنصورة، وكان أصغر أخوته بعد شقيقتيه إنصاف وفتحية، لافتا أن أسرته كانت بسيطة ليس لها علاقة بالفن بأنواعه من قريب أو بعيد، وأن شلبي كان يتميز بدمه الخفيف منذ صغره، وأن والده توفي وهو ابن عامين، لذا كانت والدته هي الأم والأب.أما فريد سعيد وهو أحد جيران يونس شلبي بمنطقة الجلاء، فيقول إنه قد انتقل من ميدان الطميهي إلى منزل جده لأمه بشارع الجلاء بالمنصورة، ليقيم بالطابق الثالث، لافتا أنه بعد أن أصبح مشهورا كان دائم الزيارة لهم، حتى إنه اشترى شقة بالطابق التاسع بميدان الطميهي، حتى لا تنقطع صلته ببلدته. ويتابع، إن شلبي كان يحب اللعب بالكرة الشراب، وأنه كان نحيف الجسد ودائما ما كان يتمنى أن يصبح لاعب كرة قدم. ويضيف حمادة الرشيدي، أحد جيران مجم الكوميديا بشارع العباسي، أنه كان يحب شلبي بشدة، ودائما يأتي ويسأل عن المحتاجين، ولم ينكر أهله أبدا، كما كان عطوفا، وتُعرف جلسته دائما بالضحك والحكايات المثيرة عن الفن وأهله، وكان يحب الكرة ويحب ممارستها دائما، وعندما يأتي لزيارته يحاولون استرجاع ذكرياتهم، بلعب الكرة في فناء واسع، ويجلسون ع القهوة مع شلة الأصدقاء القديمة، بحسب الرشيدي.أما علي فريد، زميل شلبي في سنوات الدراسة الأولى، فيقول إنه أحب التمثيل والغناء منذ صغره، وكان يشارك بالحفلات التي تقيمها المدرسة، ولولا التحاقه بالتمثيل لأصبح لاعب كرة قدم معروف. ويتابع فريد، أن الصلة انقطعت بينهما بعض الشيء بعد أن سافر شلبي إلى القاهرة للالتحاق بالمدرسة الثانوية، إلا أنه كان دائم الزيارات للمنصورة ويقضي عطلته دائما بمسقط رأسه، ويتبادل الزيارات مع أصدقاء الطفولة.علي مصطفى شحاته، جار الفنان يونس شلبي ونسيبه بذات الوقت، يقول إن شلبي تزوج من أخته، وكان رمزا للأخ والصديق والقلب الطيب والضحكة الحقيقية، ويؤكد أنه رغم حبه الشديد لزوجته، إلا أنه كان صارما له معايير معينة في المرأة التي يتزوجها، فهو يلتزم بتعاليم الدين الإسلامي، لذا فضل الزواج من موطنه وبعيدا عن الوسط الفني، متابعا أنه كان نعم الأخ والصديق، وكان دائم الزيارات إليهم هو وأسرته، وكان شديد التركيز بعمله مثلما تقول عنه زوجته، على عكس ما اشتهر به.كانت رحلة علاج يونس شلبي قد بدأت في السعودية حيث أجرى جراحة في القلب وقد أجريت الجراحة بنجاح، إلا أنه ما لبث أن تعرض لظروف صحية صعبة وزاد من متاعب الفنان الكبير ارتفاع نسبة السكر في الدم. وكانت زوجة الفنان المصري الكوميدي اشتكت من تجاهل نقابة الممثلين لأزمة زوجها الذي واجه حالة حرجة وطالبت آنذاك بعلاجه على نفقة الدولة أسوة بجميع الفنانين. وكانت أسرته اضطرت إلى بيع آخر ما يملك في بلدته بالدقهليه. مسقط رأسه للأنفاق على تكاليف علاجه، قبل أن تتكفل وزارة الصحة بها. اشتكى يونس شلبي في وقت سابق ومن فوق سرير المرض تجاهل الفنانين لمرضه والظروف الصعبة التي يمر بها، مشيرا إلى أن عددا قليلا منهم يتصل هاتفيا للاطمئنان عليه.