حيث تناولت من خلالها بعض الظواهر التي يتم تجاهلها بالمجتمع بخصوص المرأة وعرّت حقائق عن أصحاب القوة واستغلالاتهم المختلفة.العرض الذي كتبه عبد الحليم رحموني، ومن إنتاج الوردات وتليلي للإنتاج دعمته وزارة الثقافة والديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة؛ مُقتبس من رواية "يوميات خادمة" للفرنسي أوكتافيو ميربو، استطاع أن يكون نسخة جزائرية جيدة بكل الإسقاطات التي اعتمد عليها النص، وقد استطاعت المخرجة تونس آيت علي أن تجعل منه نصا متناسبا تماما مع المجتمع الجزائري، حيث كان فرصة لها لطرح كل تلك الطابوهات بجرأتها، لا لشيء سوى أنها الحقيقة، فالمجتمع مهزوز حاليا، والقيم قد تراجعت مع التغيرات التي طرأت عليه، بالتالي كان العرض جريئا بالنظر إلى الموضوعات التي طرحها.يروي العرض في شكل كوميدي، مشكلة ثلاث خريجات جامعيات لم يحصلن على عمل يوافق مستواهن الدراسي، ولأن الحياة صعبة بالنظر إلى ظروفهن القاسية يجدن أنفسهن خادمات في بيوت الأغنياء وهناك يتعرضن للاستغلال والقهر والإذلال. وقد تقمصت الممثلات أدوارهن بكل احترافية لإيصال الرسالة للجمهور حيث كن في لحظات ما ضحيات حقيقيات لأرباب العمل الذين غالبا ما يجدون المرأة صيدا سهلا وأول ما يفكرون به هو اغتصابهن جسديا قبل اغتصابهن ماديا واستغلالهن بالمعنى الكامل. وخلال العرض تروي كل واحدة من الشابات الثلاث مأساتها وحياتها وظروفها التي أوصلتها لتكون خادمة، وهنا تكشف كل واحدة الخفايا التي يمكن أن تتعرض لها خادمة في بيوت الأغنياء والأسماء الكبيرة، حيث قدمن صورة عن المجتمع العميق الذي يتستر بالشرف والأخلاق وهو يعيش حالة تناقض ونفاق بين ظاهره وباطنه، بالتالي فقدانه لقيمه حتى وإن حاول تغطية سلبياته، لأن الفن يكشف المستور ويعري الحقيقة، فمثلا تكتشف إحداهن أن الذي تعمل لديه مغتصب للأطفال وليس هذا فحسب بل يدفنهم في حديقة منزله ولأنها لم تعرف الخوف وقدمت شكوى تجد نفسها متورطة بالجرائم، كرسالة من العرض أن أصحاب النفوذ يجدون دائما منفذا وطريقة للهرب من العقاب. والثانية تتعرض للاغتصاب من قبل عجوز ثرية متعودة على اغتصاب الفتيات اللواتي يأتين للعمل عندها كخادمات، في حين تعلق الثالثة في رجل مهووس بأحذية النساء حيث كان يطلب منها كل مساء ترك حذائها وفي الصباح تجده، لكن يومها الأخير وجدته ميتا وحذاؤها بفمه وعند محاولتها لانتزاعه تبقى قطعة منه في فمه ما يجعلها متهمة. جاء الديكور بسيطا، يعمه السواد، حيث ساهم في إيصال الفكرة التي لا تحتاج لأشياء كثيرة، وساهم في زرع الحزن والتركيز على أهمية المواضيع المطروحة التي تخللتها مقاطع غنائية حزينة تعزز الإحساس بهذه المعاناة ومعاناة كل النساء عبر الأزمنة.وكانت المخرجة تونس آيت علي قد أوضحت أن عرض "الساكتة" محاولة جريئة بكل احترام في اختراق الطابوهات وتعرية الحقيقة التي تختبئ وراء ألف ستار، وكذلك هو رسالة بالدرجة الأولى للجميع حول ما يحدث في الخفاء، مسلطة الضوء على أصحاب المال والنفوذ الذين دائما ما يفلتون بما يقره ويحدده القانون فيما يعاني الضعفاء والفقراء وأصحاب الأيادي الفارغة. وتونس آيت علي ممثلة ومخرجة مسرحية، دخلت الإخراج من بابه الواسع وأثبتت احترافيتها بعد العروض التي قدمتها على غرار "الراحلة" والعرض الموسيقي الراقص "بوسعدية صاوند" الذي عرف إقبالا ونجاحا.من جانب آخر فازت بمهرجان أيام القاهرة للمونودراما، في دورته الثانية، الأردنية أسماء مصطفى بجائزة أفضل إخراج عن عرض "أدرينالين"، بينما فازت مصر بجوائز التمثيل حيث نالت الفنانة سما إبراهيم جائزة التمثيل عن عرض "أنا كارمن"، مناصفة مع وائل زكي عن مسرحية "لقطة من عمري". فيما أعلنت لجنة تقييم وقراءة مسابقة التأليف للمونودراما برئاسة الدكتور مصطفى سليم فوز نص "الوشم" للكاتبة السورية لمى طيارة بالمركز الأول، فيما حصد المركز الثاني نص "كلب بلدي" لجورج أنور، وجاء في المركز الثالث نص "سرداب الجنة" لأحمد صلاح كامل.وقد كرم المهرجان الفنانة المصرية صفية العمري التي شكرت عقب التكريم إدارة المهرجان وعبرت عن سعادتها وامتنانها، قائلة أن الذاكرة قد عادت بها إلى الوراء وهي تشاهد العروض حيث تذكرت كواليس منودراما "لقطة من حياة" عندما قدمتها على خشبة هذا المكان، وجاء تكريم العمري عرفانا وتقديرا لرحلة عطاء وإبداع أثرت في أجيال وأثرت خلالها مختلف الفنون التي أحادتها جميعا وتميزت فيها ببصمتها المتفردة وأصبحت هذه الممثلة علامة مضيئة وقدوة للأجيال.مهرجان أيام القاهرة للمنودراما تشكلت لجنة تحكيمه برئاسة الدكتور سامح مهران وعضوية الناقد محمد الروبي والفنان باسم قهار، وشارك في دورته الثانية مسرحيات "أنا كارمن"، "دنيا"، "أدرينالين"، "لقطة من عمري"، "زيارة ذات مساء"، "ساكتة"، "قضبان ذهبية"، "الكابوس"، تمثل دول مصر والإمارات والسعودية واليمن والأردن والجزائر وفرنسا، وليبيا. كما حظي المهرجان بإقامة ثلاثة ورش مسرحية في مجالات الإضاءة والكتابة، والكيروجراف والتي درب بها مصمم الإضاءة أبو بكر الشريف، الكيروجراف مناضل عنتر، والكاتب محمود جمال. وعرف حفل اختتام المهرجان الذي نشطه الفنان والمذيع محمد نشأت، عزفا موسيقيا لفرقة "أوسكاريزما" خارج المسرح ثم داخله وتم تكريم رئيس الفرقة، وأعقب العرض كلمة رئيس المهرجان شكر خلالها كل من دعم وساعد على نجاح الدورة الثانية لهذه الفعالية، كما منحت إدارة المهرجان شهادات تقدير للعروض لكل الفرق المشاركة.