وإذا ما تعلمنا فن الحياة،ليجيب بالنفي،قائلا "لا أبد"حسب أوشو، نحن نتعلم الأبجدية والقليل من الفيزياء والكمياء، والحساب والجغرافيا والتاريخ، وأن كل ما نحصل عليه في الأخير هو ركام كبير من الكلمات، وأن هذا الإنسان حسبه سيكون أحمقا وجاهلا مثل أي إنسان لم يتلق تعليما والفرق الوحيد بين هذا وذاك هو أن صاحب ثروة الكلمات يعيش في وهم الاعتقاد بأنه يعرف، والإنسان يظل جاهلا لأبعاد الحياة ذلك لأنه لا يعرف فن العيش، معتبرا أن البلدان التي تنتشر فيها التربية والتعليم، تكون فيها أكبر نسبة للاضطرابات العقلية، ضاربا المثل بأمريكا التي تعد من أكبر الدول التي ينتشر فيها التعليم، وبالمقابل نجد هناك أكبر نسبة للمختلين. أوشو هنا لا يدعو لإلغاء التربية بل يدعو لتغيير أسسها، والبديل حسبه، كما جاء في كتابه "ثورة في التربية"، هو جعل أسس التربية قائمة على الحب والمشاعر والرحمة والقلب، فيقول أننا إذا وجهنا كل اهتمامنا لقلب الإنسان أولا ثم لعقله ثانيا، وقتها تكون التربية في الاتجاه الصحيح، يضيف أوشو هنا قائلا "إنني لم افقد الأمل لأنني لو فقدت الأمل لما تحدثت عن هذه الأشياء، إنني أقول هذه الأشياء للمعلمين، وكلي أمل أن يفكروا فيها بعمق، إن قوة كبيرة بين أيديهم وستحملهم الإنسانية- اليوم أو غدا- مسؤولية الأخطاء التي ستحدث، نحن بحاجة لإنسان جديد"، ويربط سعادة هذا الإنسان وإتزانه، بعدم حشو عقول الأطفال في سن مبكرة، وأن سن 14 هو المناسب لتطوير قدراتهم العقلية، أما قبل ذلك فيجب حسبه أن ينصب الاهتمام على تنمية جسد الطفل ومشاعره، لأن الأربعة عشر سنة الأولى في نظر أوشو هي الأكثر تأثيرا على شخصيته، وأنه قبل سن البلوغ يجب الاهتمام أكثر بتنمية الحب عند الطفل، وجعله ينعم بمرحلة الطفولة، وأهم شيء يدعونا لمعرفته عن التربية الصحيحة هو ضرورة جعل الأطفال قريبين من الطبيعة ليكونوا قريبين من أنفسهم ومن الله. كتاب "ثورة في التربية" للحكيم الهندي الكبير أوشو قامت بترجمته وتقديمه الأكاديمية فاطمة بلفوضيل، ليكتشف القارئ عبره أفكارا جديدة لأوشو، يحاول بها أن يصحح ما يراه خطأ تعودنا عليه دون التفطن لخطورته، ويطرح البديل لذلك، للتخلص من الإنسانية العليلة، والحصول على إنسان سوي، متزن، وحقيقي، معتبرا أن أكبر مصيبة عرفتها الإنسانية هي ما فعلته التربية والتعليم بهذا الإنسان. في مقدمتها للكتاب تذكر فاطمة بلفوضيل، أنها رحلة ممتعة مع قراءتها لأكثر من مائة وسبعين كتابا لأوشو، حيث استوقفتها عناوين كثيرة، وارتأت ترجمة هذا الكتاب "ثورة في التربية"، نظرا لأهميته في الوقت الحالي، فهو عبارة عن مجموعة من المحاضرات كان أوشو قد ألقاها في الهند في بداية السبعينات، ورغم مرور أكثر من ثلاثين عاما ما تزال هذه المحاضرات تنبض بالحياة والثورة، يتحدث فيها عن الإنسانية العليلة ويحمل النظام التربوي المسؤولية، لقد دمر حسبه هذا النظام التربوي الذكاء والإبداع، وشجع الذاكرة و"الإرجاع" إن صح التعبير، فيقول "إننا نحمل شهادات جامعية، ولكننا دفعنا الثمن باهظا، فقد خسرنا ذكاءنا". ولد تشاندرا موهان جاين في 11 ديسمبر 1931 وتوفي في 19 يناير 1990، معروف أيضا باسم أتشاريا راجنيش من العام 1960، وباجوان شري راجنيش بين عامي 1970 و1980، وأوشو منذ عام 1989. كان متصوفا هنديا، غورو ومعلما روحيا لديه أتباع من كل أنحاء العالم. كان أستاذا في الفلسفة، سافر إلى جميع أنحاء الهند خلال عقد الستينات كمتحدث عام. انتقاداته الصريحة للاشتراكية والمهاتما غاندي والأديان المنظمة أثارت الجدل حوله. ودعا إلى موقف أكثر انفتاحا تجاه العلاقات الجنسية، مما أكسبه لقب "معلم الجنس" في الصحافة الهندية ولاحقا العالمية. وكذلك فهو لا يغضب من هذا اللقب بل يقول أنه بلاي بوي روحي، كما أنه يطلق على نفسه "زوربا البوذا" وكان هذا هو كل اجتهاده في حياته، أن يصل إلى أن يكون زوربا البوذا، فهو يقول أن وعي بوذا عالٍ جدا ولكنه قاسٍ وغير حيوي كفاية، ومحبة وحيوية زوربا تنقصها الوعي العالي لتتحكم بها جيدا، وإذا اجتمعت الحيوية والوعي في شخص واحد يكون هذا هو الشخص المقدس حقا.