محررة الشعب والوطن من الاستغلال والعبودية وإلى روحي والده وأخيه محمد. وقد راهن هاشمي منذ البدء على تصوير ملحمة بلاده وشعبه من أجل الإنعتاق. جاءت الرواية في 21 جزءا بالإضافة إلى ملحق ضم أشعارا وأمثالا كانت تتداول خلال الثورة المجيدة المظفرة. حمل الغلاف الخارجي للكتاب صورة موحية، تبين هجوم عساكر الاحتلال على إحدى قرى البلاد النائية في منطقة الكاتب بمنطقة القبائل نساء وأطفال وشيوخ وعجائز تحت طائلة التعذيب والترحيل، وأكواح ودور تشتعل فيها النيران، وهي ملخصة ليوميات قرى ومداشر منطقة النار خلال حرب التحرير في المناطق الجبلية. ويكون بهذه الرواية "الصمود" قد أنهى سعيد هاشمي مشروع تصوير ملحمة كفاح الشعب الجزائري لاسترجاع وانتزاع حريته، متخذا الريف إطارا للأحداث لان وجه المستعمر الظالم الغاشم القذر النتن يظهر في الريف أكثر من المدن، ففيه أي الريف عاث المفسد بامتياز الإستدمار فسادا وإجراما بعيدا عن أعين العالم.مشروع هاشمي الذي بدأ برواية "عاشق النور" ثم "الاحترام" لتتم الثلاثية جريا على خطى الكبار من الكتبة الروائيين ب«الصمود"، وهي روايات يقول صاحبها مترابطة عضويا تتصل كل واحدة بالأخرى ضمن الاستمرارية الزمكانية. في هذه الرواية "الصمود" يبرز هاشمي صمود أبناء الجزائر المواطنين المتين بمنطقته التي ينحدر منها وكذا مقاومتهم المستميتة لأساليب المستعمر المدمر المتوحشة، ويقدم لنا صورا حية للتفاني في حب الوطن والجهاد الصادق ومعاناة أفراد الشعب والمجاهدين في كفاحهم واستماتتهم من أجل عزة هذا الوطن وحريته.يختتم الرواية بملحق يضم نصوصا قليلة وقصيرة شعرية تشهر بالخونة ممن باعوا أنفسهم للرومي للعدو واليهود، وفيها ما فيها من استنكار وعتاب واحتقار . وفيه من الأمثال على غرار المثلين "انرز ولا انكنو" وتعني "نتكسر ولا ننحني"، "تاقيمت ترجزا ذنيف ولا تحنونت نذل" ومعناه "رغيف الرجولة والكرامة ولا خبزة الذل". بدأ هاشمي روايته في فصلها الأول "رجال الصومام نسجوا للثورة لباسا مريحا، وصنعوا لها دروعا صلبة وإنارة قوية، فاعتدلت قامتها واتضحت رؤيتها، تدفأت صدور الرجال وانتظمت صفوفهم وأشتدت عزائمهم، وأطمأنت قلوبهم، فالدرب جلي والأفق واضح والصحبة واثقة". لعل ذكر الصومام له مدلوله التاريخي وعن نسيج الثورة وما حدث بعد مؤتمر الصومام الشهير في الوادي الكبير "ايفري" إغزر أمقران. شخوص بل شخصيات العمل الروائي القريب جدا من الواقع، سي البشير، سي أحسن، سي المختار، سي الصادق، عبد الله، وحتى النساء، شريكات الرجال في مهمة القرن، تخليص البلد من المحتل واسترجاع السيادة والحرية، كلها أسماء يكتنفها الاحترام والتقدير لما لعبته وأبلته من بلاء حسن خلال سنين الجمر، ودع الذين يتشدقون عن الثورة ممن كانوا بعيدين كل البعد عن المعارك والقنابل والمعاناة والآلام والحرمان. ضفاف بن نعمان وانجاز المهمة في إطار الهجوم على الشامل الذي قررته الجبهة في المركز العسكرية المنتشرة عبر المناطق الجبلية، ثم الدخول إلى قرية "آث قروم" للراحة والمبيت، في انتظار مهمات أخرى، وخلال الإقامة فيها أي القرية، الحديث عن اجتماع الصومام والتنظيم الذي حدده المؤتمرون. وها هي امرأة متقدة في السن تتحدث الى سي البشير وفرقته من الجنود المجاهدين بعد ان طلب هذا الاخير ملاقاة نساء الدشرة من اجل شكرهن على المساندة والنضال، قالت هذه المرأة المتقدمة في السن بعفوية وبراءة اهل البادية" نحن مسرورات بتقدمكم الينا وتخصيص فترة لنا من وقتكم، ونحن نعلم كم ثمين هو وقتكم، ونشعر جيدا بتضحياتكم كذلك ومع ذلك لنا طلب واحد، لا غير، ويجيبها سي البشير، نحن نسمع بكل قلوبنا وعقولنا فتكلمي، فترد عليه، نريد منكما ن تقدموا إلينا حرية الجزائر، فتزغرد النساء دفعة واحدة، ولا نريد غير تحرير أرضنا، وطرد هذا الكافر المتوحش، فقدموا ألينا البلد حرا مستقلا، هذا هو الطلب الأول والأخير، فما عداه يزول وينتهي، كل خيرات الدنيا لن تدوم الا فترة قصيرة ومتعتها لا تفوت دقائق معدودات، وكل فاقة لا تطول مدتها، فبعد العسر يسر دائما، فأعطونا استقلال الوطن ونحن لكم شاكرات، هذا هو دينكم علينا"، وتبقى الكلمات التي قيلت وقتها بالأمازيغية الصرفة ويبقى نفس الطلب ملحا محذرا من المتلاعبين بمستقبل الوطن والأجيال القادمة أمام متعة الحكم الزائلة. الرواية مليئة بصور البطولة والتفاني في حب البلد والتآخي والرابطة الدينية لدى النساء والرجال والأطفال، وكراهية لا تطاق للخونة والحركة وضروبهم، وفيه مشاهد عديدة لمعارك سرعان ما تبتدئ وتنتهي لتبدأ أخرى في مناطق جبلية أودية، طائرات مدمرة وعساكر جرارة مطوقة، لكن معرفة أهل المنطقة بالميدان و الشعاب يسجل انتصارات لأهل الحق وأهل الأرض المدافعين عن العرض. وبذلك الرواية جديرة إن تحول إلى فيلم سينمائي شرط ان تلتقي بكاتب سيناريو بارع ومخرج مقتدر. وهي جديرة بالقراءة لمن يحب الاطلاع عن كتب حول ما جرى في القرى والمداشر لا في المدن العامرة وقتها بالمقاهي والمخامر كما في المسماة سهوا ولهوا "الباهية".جدير بالذكر أن للكاتب سعيد هاشمي أعمال أخرى منشورة نذكر منها، قصص"عم سالم يريد العلاج" نشرت عام 1989م عن المؤسسة الوطنية للكتاب وأعيد طبعها عام 2009 عن دار الفيروز للإنتاج الثقافي تحت عنوان "يوم حزن الملك"، رواية العهد عام 2009، عن دار موفر للنشر "اناغ"، حكايات قصص شعبية جزائرية عام 2007، عن منشورات الشهاب، رواية "عاشق النور" الانفة الذكر، الصادرة في 2007 عن دار الهدى للطباعة، الفائزة بجائزة الهاشمي السعيداني للرواية التي كان يرعاها الكاتب الراحل الطاهر وطار، في سنة 2008. بالاضافة الى رواية الاحتراق المذكورة سابقا، وحكايات من التراث الشعبي الجزائري، الصادرة عام 2011 عن دار الهدى دائما.