وهو مؤلف أخر يصدر عن دار "تافات" كسابقه "الجزائر البيضاء" الذي كان عبارة عن حكايات وأساطير من رحم المدينة القديمة القصبة العتيقة، ولا يزال هذا الصحفي المتميز مشدودا إلى المدينة القديمة القلعة الشامخة التي لا ينفذ ولا ينضب معينها، يظهر كنوزها الدفينة ليبرزها للقارئ. ربط نور الدين لوحاال في عنوان كتابه الأخير "جزائر الصوفية" زيارة حول عيون القصبة، ربطا وثيقا بين العيون التي هي مصدر للري وبين الصلحاء مصدر الفكر والوعي لما للمعينين من تأثير على الناس في حياتهم البدنية والروحية. الكتاب مقسم إلى ستة 6 أجزاء سبقتها إطلالة حول الاحتفاء البريدي بعيون القصبة وإصدار أربعة طوابع بريدية يومي 23 و24 فيفري 2008 حول هذه العيون كمثل عين بئر جباح،عين سيدي عبد الله في زنقة "اللحامين" بائعي اللحم سابق، بئر شبانة في شارع سيدي ادريس حميدوش، و"زوج عيون" أسفل القصبة التي لم يبقى سوى ذكرها حيث جف معينها. كما يضم الكتاب استهلالا عنوانه "البحث عن ينبوع الشباب"، ثم مقدمة العين المكان الذي سقطت فيه صغيرا، يعود فيه لذكريات الطفوله وخروجه وأخواته البنات لجلب الماء وسقوطه بذات المكان. يعرض الجزء الأول عيون القصبة تسمية وموقعا ومنها عين ب لالة خداوج العمياء بالإضافة إلى جب ماء أيضا بها، عين سوق الجمعة، عين سيدي عبد الرحمن الثعالبي رضي الله عنه، عين المالحة وعين الصبارة باب الجديد، زوج عوينات بالجامع البراني، عين لعريش، عوينات سيدي محمد الشريف الزهار، عين سبت الأصيلة، عين بير شبانة. أما القسم الثاني فيتعرض لحرف الماء واشتغال البسكريين لجلب الماء زمن الاتراك والاحتلال الفرنسي. الجزء الثالث فيسلط الضوء على عيون القرية بالجزائر وخارج الاسوار. اما الجزء الرابع فيستعرض عيون الفحص خارج المدينة. الجزء الخامس يتناول العيون الأسطورية داخل وخارج العاصمة كالشرشار وعين الفوارة بسطيف. ويتعرض الجزء الخامس والأخير إلى قراءة في الصحف. الكتاب "جزائر التصوف" يفتح أبواب عيون الحياة الروائع والبهاء والفخار للمتجولين في المدينة القديمة تماما مثل قاطنيها وساكينيها. هو موجه للسواح وكذا للمهتمين المحليين باسماء ومواقع عيون المحروسة. هذه المدينة العريقة، الجزائر البيضاء التي تكتنز ضمن حناياها ثراء لا يمكن أبدا تجاوزه، وإذا كانت نوافذ المحروسة المدينة القديمة تطل على واجهة بحرية ساحرة لكل من زارها، فإن أساساتها القاعدية تتجدر في كتل أرضية تنبجس منها صمامات مياه متعددة الفضائل، ومنها تنبع عيون القصبة التي يقصدها الجميع ومن كل مكان للبحث عن الشباب الأبدي، وهذه الزيارات التي تمتد وتستمر الى غاية اليوم تنسج شبكة من الذاكرة التي تلامس وتداعب أسرار ساكنة التي يرسم غدوها وايابها فنا في الحياة حول العيون هي تروي العطش وتكسب صاحب الوجه الصبوح الجميل قوة وصحة. عاشق للقصبة التي ولد وترعرع فيها ولأسرارها التي لا تنتهي، لا يزال لوحال يقطع دروب المدينة القديمة وسككها المتقاربة على درب العيون يتتبع أثرها ويقتفيه الموجود منها والتي زالت بفعل الزمان والإنسان، ليسلط الضوء عليها. للتذكير فإن نور الدين لوحال هو من مواليد القصبة في 1955 بالقصبة العتيقة ومن أصول تعود به إلى أزفون ببلاد القبائل، كاتب وصحفي يدفعه الشغف بالقصبة للحديث عنها دوما، لديه كتب أخرى، ومن خلال كتابه الحالي يفتح الأبواب مشرعة على مصراعيها للعاصمة، ضمن كتابة ترنو الجمال والكرم، من بينها "تسجيلات عاصمية"، "ألعاب من طفولتنا" و"الجزائر البيضاء".