يصف الكاتب العلاقة بين الجزائر، المستعمرة القديمة، الغيورة على استقلالها والذي إفتكته بالدم، وبين فرنسا البلد المستعمر، ليست دائما سهلة وبسيطة، فمنذ اتفاقيات ايفيان 18 مارس 1962، خطوات نحو الأمام تم قطعها مع بعض التراجع أحيانا، هذا البلدان المتوسطيان الكبيران، لديهما أكثر من سبب لتأسيس روابط وعلاقات بناءة، لا على المستوى السياسي بل الاقتصادي والثقافي، وحين تكون هذه العلاقات تراوحية، متذبذبة بين الصعود والنزول، نحس بالحاجة إلى تقويتها لأن تطوير العلاقة وتقويتها لتصبح قوية وصلبة هو مهم للغاية حسب صاحب سارج بوتو. وكتاب سارج يقوم بجرد حالة هذه العلاقات من الضفتين منذ 1830، وهو كما يراه صاحبه "بانوراما" يسعى إلى تقوية الروابط بين البلدين وهو الحريص على هذا الاتحاد بين فرنساوالجزائر، خصوصا مع تداعيات تصاعد الكراهية و الإسلاموفوبيا منذ الأحداث و عمليات الإرهاب والإنفجارات التي قد تقوم بإضعاف جسر التواصل بين البلديناستعرض سارج أهم ما يتناوله كتابه ومجيئه لأول مرة إلى الجزائر كمتعاون في 1964 كمدرس للغة الفرنسية وتعيينه في مدرسة بالقرب من ذراع الميزان بمنطقة القبائل، وهو الذي كان يفكر في البقاء في داكار السينغالية، لكنه جاء إلى الجزائر وبقي لسنوات، درس في باب الواد ثم في القصبة، ليلتحق بدوره بالجامعة الجزائرية ويواصل دراسته في القانون وينهيها ويتخرج من باريس. تحدث سارج عن الطبقات المهمشة في فرنسا من أبناء المغتربين وعدم إمكانيتهم تحقيق النجاح وعدم قدرتهم للتعبير عن طموحاتهم، وقد يتسبب ذلك ويدفعهم فينخرطون في الحركات الإرهابية. وإن كانت التقارير تورد وتؤكد بأن فرنسيين شباب انخرطوا في هذه التنظيمات أيضا. قال سارج بان العاصمة الجزائر كانت تشهد فورانا وحركة منقطعة النظير عقب الاستقلال وهناك كانت تقدم كتب ماو تسي تونغ وكل الثورات العالمية التقدمية. تحدث في كتابه عن فرنسا والعالم العربي، عن التعريب والفرنكوفونيا، التأميمات " المحروقات"، والتجارب النووية، التي أجريت في الصحراء وهي المشكل الذي لم يحسم فيه إلى غاية اليوم، وشأن التعويضات للمتضررين، كما تناول العشرية الدموية، وأمور التأشيرة وإقامة الجزائريينبفرنسا، والرياضة بين الماضي والحاضر، قبل 1958، وملحمة فريق جبهة التحرير الوطني. وقال بأن كتابه يتناول أيضا ويبحث في العلاقة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي، فرنسا والإسلام واللائكية.يرى سارج أن كتابه هو بمثابة جدارية أراد أن يرسمها في 300 صفحة. ويقر بأن هناك معرفة سيئة للجزائر بل ولا مبالاة، وخلال فترة الاستعمار مورس التمييز العنصري ولم يتم إدخال وإدماج الساكنة في المدن. ويؤكد سارج بأن فرنسا يجب أن تستحي ويحمر وجهها من الأعمال التاريخية الاستعمارية التي اقدمت عليها ويؤكد الكتاب إن الأمر يتعلق بغزو بلد من طرف بلد أخر أجنبي، ويدفع إلى ضرورة اعتراف فرنسا بجرائمها الاستعمارية وبدون ذلك لن يكون هناك تقدم للأشياء في العلاقات الثنائية البينية.يصب عمل سارج في الدعوة إلى جعل الأشياء تسير نحو الأحسن، فالذاكرة واجبة لكن الاعتراف بالجرائم مطلوب. الوصول إلى الأخوة الشاملة والجمالية -يقول سارج- قد يتطلب 500 سنة، وليس لأحد عصا سحرية، لكن المطلوب هو الدفع نحو هذه الأخوة. لقد فشلت عمليات تنصير المسلمين لاصطدامها بوجود مؤسسسات والزوايا يقول سارج وأكد على وجود عدائية للإسلام في فرنسا.المراجع التي اعتمدها سارج كثيرة منها، مقدمة ابن خلدون، كتب "بورتري للمستعمر" فرانز فانون، وكتب لألبار كامو وغيره وكتاب "النساء في الجزائر". يلح الكاتب في الأخير على طي صفحة الماضي، والانتباه إلى المستقبل والتعويل عليه بالنسبة لبلد كبير مثل الجزائر.سارج بوتو هو من مواليد 1942، محام بمحاكم مرسيليا، دكتور في القانون ومتحصل على ديبلوم في القانون واقتصاديات الدول الإفريقية "باريس بانتيون"، شارك بعد استرجاع السيادة واستقلال الجزائر كمعلم متعاون في بناء البلد المستقل حديثا في باب الوادي ثم في القصبة بالجزائر، عاود زيارة الجزائر مرارا من اجل الدراسة والتدريس بالجامعة، وتعاون مع المجلة الترقوية الجزائرية "الجزائر"، نائب رئيس الفدرالية الفرنسية للملاكمة، ورئيس اللجنة المحلية، يشارك ويساهم لدى فرق مرسيليا وتحديدا في المناطق الشمالية في خدمة وباتجاه الشباب المنحدرين ومن أصول المغتربين.