صدر عند دار القدس بوهران منذ أيام ، الرواية الجديدة للكاتب الدكتور عبد المالك مرتاض بعنوان " شيء آخر" في طبعة جميلة من نوع كتاب الجيب . يتحدث المؤلف في روايته التي تضم 523 صفحة عن محطات عامرة بالفرح حينا وبالألم والحزن حينا آخر ،حيث تبدأ الأحداث في قرية " الزيتونية العليا " التي يستقي أهلها الماء من بئر واحدة ، بعد أن ثبت في عقولهم أن الجن كان يزاحمهم فيها أيضا ، و هم يعيشون في مدينة الجان " الثخشضار" أسفل القرية ، حيث كان الفريقان يتعايشان و يتقاسمان الماء، الإنس بالنهار والجن بالليل و لا أحد كان يعرف من حفر البئر وفي أي زمن كان، وحسب رواية الشيخ دحنون للشباب فإن ماء البئر جمع بين سحر الجن و بركة الأولياء وعناية السماء . و يُدخلنا الدكتور عبد المالك مرتاض عالما عجيبا خياليا، موظفا شخصيات عديدة ،منها شخصية "سارة " التي رحل عنها زوجها بعد أن ترك لها حقلا صغيرا تقتات منه، وفي يوم من الأيانم ظهرت ذات ملكة الجن "خناتيتوس" فتجمعهما صداقة متينة .وعليه فإن مشاهد الرواية ما هي إلا صورة فسيفسائية دقيقة تدخل القارئ من الوهلة الأولى في مواقف ينبغي أن يفهمها حتى يتمكن من الاستمتاع بحركات شخصياتها وألوان أماكنها وعبث الحياة بكل من يعبر دروبها العجيبة . أسماء اختارها الدكتور عبد المالك مرتاض وكأنها النجوم تطلع في سماء الحياة وتتحول إلى أجزاء من خرافة يحكيها الأستاذ بلغة مدهشة إلى واقع يمكن أن نعيشه، فهذه العمل الجديد للدكتور مرتاض فيه امتزاج الخيال بالواقع ،و يتعانق هذا الخيال مع الصراع بين الخير والشر، الغني والفقر ،الإنس والجن ،القدرة و الإرادة . كما استعمل الدكتور مرتاض لغته الأدبية المعهودة في وصف المشاهد وتصوير المواقف ورسم الشخصيات و اللعب على تقنية تنويع الفضاء الروائي ،وكانت اللغة الجميلة البديعة الساحرة الراقية من أجمل ما يميز هذا العمل الروائي الكبير، حتى أنه يمكن القول أن نسج هذا النص قد لا يكون له نظير في نصوص الرواية العربية و أعماله السردية من خلال تجريب في نمنمة اللغة و عجائبية الحدث .