في الوقت الذي يضع الرئيس الفرنسي الخطوط الحمراء لنزاعات خارجية و لدول مستقلة ذات سيادة , تشهد الجبهة الداخلية الفرنسية حراكا شعبيا يرسم لسياسته الداخلية خطوطا بألوان قوس قزح, وذلك قبل أيام من انقضاء عام كامل عن انتخابه لرئاسة فرنسا. وهي مدة عرفت خلالها شعبية ماكرون سقوطا حرا حسب نتائج سبر الآراء المتعاقبة و التي أشار آخرها إلى أن أقل من 20% فقط من الفرنسيين ما زالوا يؤيدون سياسيته. وهو ما تجلى في مدينة تولوز التي عرفت ضواحيها أمس و أول أمس احتجاجات غاضبة تحولت إلى أعمال شغب و مواجهات مع قوات الشرطة تم خلالها توقيف 18 شخصا و حجزهم تحت النظر بتهم "التخريب عن طريق الحرق وإهانة الشرطة والعصيان ورمي المقذوفات والمشاركة في تجمهر مسلح", حيث أقدم الشباب المحتج على حرق السيارات وحاويات القمامة ورجم قوات التدخل . وأيا كانت الأسباب فإن فرنسا تعيش منذ مجيء ماكرون إلى الإليزيه في حراك شعبي متواصل تمثل في احتجاجات متتالية وإضرابات, رفضا لإصلاحات ماكرون, التي يعتبرها معظم الفرنسيين أنها في صالح الميسورين. وفي الأسابيع الأخيرة فقط, سجلت الجبهة الداخلية عدة احتجاجات شملت عمال السكك الحديدية وسائقي سيارات الأجرة, والمراقبين الجويين وطلبة الجامعات, وحتى عمال شركات القطاع الخاص, وسكان غويانا الذين شنوا إضرابا عاما, فضلا عن الاحتجاجات نشطاء حماية البيئة, وحقوق الإنسان الرافضين لاستمرار فرنسا في بيع أسلحة تستعمل لإبادة المدنيين في دول مغلوبة على أمرها. إنها لمحة موجزة أن الحصاد المر لسياسة ماكرون الداخلية.