العملاق الصيني الذي استيقظ فجاة وراح يغزو العالم بمنتوجاته محققا نموا اقتصاديا غير مسبوق ليحتل المرتبة الثانية عالميا بعد الولاياتالمتحدةالامريكية ومن المتوقع ان يتفق عليها سنة 2030 لقد كانت البداية سنة 1949عند انتصار الثورة الشيوعية بقيادة ماوتسي تونغ بالتخلص من الاستعمار الغربي وتنظيم المجتمع على اسس اشتراكية والتعاون مع الاتحاد السوفياتي سابقا الذي ساعدها بتطوير الصناعة العسكرية التي جعلت منها قوة نووية في ستينيات القرن الماضي مع القيام بالثورة الثقافية لاعادة الثقة للصينيين وتخليصهم من الصور والسلوكات السلبية ودفعهم الى العمل والنشاط والتغلب على الكسل والفشل. وفي سنة 1978قرر الرئيس الصيني دينغ سياو بينغ الدخول في مرحلة جديدة من التنمية والتطور عن طريق سياسة الانفتاح بانشاء مناطق صناعية حرة لجلب الاستثمار الاجنبي والتكنولوجيا مع السماح للقطاع الخاص بالنشاط والعمل دون التخلي عن القطاع العام فكانت تجربة المزج بين الاقتصاد الاشتراكي والرأسمالي والقطاع العام والقطاع الخاص الذي لعب دورا كبيرا في النمو الاقتصادي وخلق مناصب الشغل فساهم ب75بالمائة من اجمالي الناتج المحلي و90 بالمائة من صادرات الصين في الفترة 2010 و2012 وقد أتت تلك التجربة الفريدة ثمارها بسرعة وراحت الصين تسجل أرقاما قياسية في النمو الاقتصادي وصلت الى 14بالمائة في السنة الواحدة فرفعت الدخل الفردي 40 ضعفا والذي ارتفع من 155دولارا سنة 1978الى 6400 دولارا في الشهر سنة 2015 كما خفضت مستوى الفقر والبطالة وقضت على المجاعات والاوبئة لتصير رائدة في التنمية بعد ان كانت احدى دول العالم الفقيرة . وقد كثرت التفسيرات والتحليلات حول ظاهرة تقدم الصين بهذه السرعة العجيبة واختلفت اللآراء حولها ومن اهم عوامل تلك النهضة العمق الحضاري للصين التي لها تقاليد في العمل والابداع فهي بلد الورق والحرير والمساحة الواسعة وعدد السكان الكبير وروح العمل والانضباط لدى المجتمع الصيني والادارة الجيدة وحسن التسيير والتطبيق الصارم للخطط والاجراءات والقوانين وروح المبادرة والمهارة والقدرة على التقليد والتحوير والتغيير والابتكار واليد العاملة الرخيصة والماهرة وسياسة التصدير والبحث عن الاسواق الخارجية بالتركيز على الاقتصاد والتعاون بعيدا عن العنف والتهديد والسيطرة .فالصين لا تتدخل في الحروب والنزاعات الخارجية رغم انها تملك جيشا قويا يزع الولاياتالمتحدةالامريكية . كما أن الصين توجد في منطقة شرق آسيا المتميزة بالنشاط والمنافسة للغرب والمكونة التنين الياباني والنمور الآسيوية (كوريا الجنوبيةهونغ كونغتايوان سنغفورة وماليزيا) . وقد استرجعت الصينهونغ كونغ سلميا من بريطانيا سنة 1998وقد استفادت الصين من تجربة هذه الدول قبل ان تتفوق عليها اقتصاديا بعد ان صارت قوة عظمى متواجدة بانتاجها ومؤسساتها في كل مناطق العالم لدرجة ان بعض الاوساط الفرنسية اصبحت تخشى على الفرنكوفونية في القارة الافريقية بعد ان تفوقت الصين على اوربا لان الصين تستثمر في التربية والعلوم والذكاء الاصطناعي الذي فاقت فيه الدول الاوربية الكبيرة انها الصين التي تتمدد في كل مكان دون ضجيج فتقدم الجديد والوفير بالاسعار المناسبة التي يصعب منافستها