يشكّل التطرف العنيف والإرهاب والجريمة المنظمة اليوم تهديدا ذا نطاق عالمي يتطلب القضاء عليه واستئصاله وضع استراتيجيات لمنعه ومكافحته، وهو ما تسعى إليه قمم الاتحاد الافريقي المنظمة لغاية اليوم، وارتأينا في هذه الأسطر العودة إلى مذكّرة رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة بصفته منسق لمنع التطرف العنيف ومكافحة الإرهاب في القارة الافريقية، لتسليط الضوء على بعض الحلول والاستراتيجيات التي قدّمها لقادة الدول لإخراج القارة العجوز من نفق هاته الظواهر المهدّدة لأمن واستقرار الشعوب. وتعدّ، مذكّرة رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، بشأن *آفاق منع ومكافحة التطرف العنيف والإرهاب في إفريقيا* وذلك بصفته منسق لمنع التطرف العنيف ومكافحة الإرهاب في القارة الافريقية، عرضها، الوزير الأوّل في قمّة الاتحاد الافريقي للسنة الماضية بأديسا بابا، مرجعا أساسيا وطريقا لإيجاد الحلول الكفيلة لمحاربة هاتين الظاهرتين الدخيلتين على القارة السمراء لزمن ليس ببعيد، وتبرز كذلك الأهمية الكبرى التي توليها إفريقيا لهذا الخطر المتنامي الذي يهدد استقرار وأمن قارتنا وشعوبنا. ولعلّ اسناد مهمة التنسيق لمحاربة التطرّف والارهاب والجريمة المنظمة لرئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة لم تأت صدفة وإنما بالنظر إلى التجارب والخبرات الغنية التي اكتسبتها الجزائر من مكافحة هذه الآفة فضلا عن خالص التزامها المعلن حتى لا يشهد أي شعب آخر المآسي عاشها الشعب الجزائري على مدى عقد في تسعينيات القرن الماضي. ويدعو رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة في مذكّرته إلى ضرورة * وضع المنظومة الإفريقية لمكافحة الإرهاب وتطوير وإثراء المعايير الإفريقية في مكافحة هذه الآفة عن طريق الاستلهام من الممارسات الجيدة التي اكتسبتها الأقاليم الأخرى وعلى المستوى الدولي التكفل بمسألة المقاتلين الإرهابيين الأجانب وعودتهم إلى القارة الأفريقية أو تحركهم داخلها وتضييق الخناق على المصادر العديدة لتمويل الإرهاب وتجفيف منابعها بما في ذلك القطاع غير الرسمي ومحاربة التطرف وسياسات مكافحة التطرف فضلا عن الحاجة إلى تحسين السياسات والأطر المؤسسية والقانونية من أجل تعزيز الديمقراطية والحكم الرشيد وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية ودولة القانون باعتبارها عوامل من شأنها أن تساعد إلى حد كبير في حرمان الجماعات الإرهابية من الأرضية الخصبة التي تعرف كيفية استغلالها ببراعة في دعايتها. يتعين أيضا تطوير التعاون الثنائي والإقليمي والدولي في مجال مكافحة هذه الآفة. كما، سبق للقادة الأفارقة عقد العديد من القمم السابقة كقمة داكار في أكتوبر 2001 التي انتهت بتبني إعلان لمكافحة الإرهاب وأوصت القمة بعقد قمة استثنائية لتقييم التقدم الذي تحقق في تنفيذ ميثاق الجزائر لمكافحة الإرهاب والذي كانت تبنته قمة منظمة الوحدة الافريقية سابقا في الجزائر عام 1999 بعد تفجير السفارتين الأمريكيتين في كينيا وتنزانيا سنة 1998، والذي وقعت عليه معظم دول القارة. والملاحظ أن أحداث سبتمبر دفعت العديد من الدول الإفريقية إلى التصديق على ميثاق الجزائر، وكان على رأس هذه الدول نيجيريا التي قررت التصديق على الميثاق في فيفري 2002، تبعها في ذلك العديد من الدول الأخرى. وهو ذات الأمر بشأن التصديق على المواثيق والاتفاقات الدولية الخاصة بمكافحة الإرهاب، والذي تسارعت وتيرته في أعقاب الحادي عشر من سبتمبر 2001 وصدور قرار مجلس الأمن رقم 1373 لعام 2001، والذي صدر استناداً إلى الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة، الأمر الذي جعله ملزماً لكافة الدول بما في ذلك غير الأعضاء في الأممالمتحدة. ورغم كل هاته الجهود الافريقية لمحاربة التطرّف أو الجريمة المنظمة والارهاب سواء بدول الساحل الافريقي أو في القارة العجوز بشكل أوسع، إلا أن هاته الظواهر تعرف اتساعا رهيبا يوما بعد يوم بسبب سياسات خارجية تجعل من افريقا منطقة نزاع وثورات وأزمات لا تنتهي لأغراض سياسية وجيواستراتيجية تعود لصالح القوى العظمى التي تسعى لإغراق المنطقة أكثر فأكثر بمثل هاته الظواهر .