منذ بضعة أيام, صادفت بمحض الصدفة مجموعة من طلبتي بالماستر ) 2 ( خارج أسوار الجامعة، وما لبثنا إن جلسنا بشرفة إحدى مقاهي حي حسن الجوار، وانطلقنا في حديث عن المسرح، وعن قراءاتهم الحديثة لبعض النصوص، وحيرتهم في اختيار ما يناسبهم لانجاز مشروع التخرج خلال السداسي المقبل. وتشعب بنا الحديث ، وبقيت منصتا لشروحات طلبتي عن مشاريعهم و طموحاتهم الفنية, وعزمهم على انجاز أعمال مسرحية تضاهي تلك التي تعرض في مسارح المحترفين. أشعرتني أحاديث طلبتي بالحماس وأذكرتني بحماستي لمثل هكذا مشاريع عندما كنت طالبا في الليسانس، ورأيت الفرح والبشر في وجوههم وهم يتحدثون إلي، فتذكرت أيضا أيامي الجميلة حين كنت أجالس أستاذي أحمد حمومي بالمقهى القديم بالسانيا، وأحتسي القهوة بحي ايسطو مع أستاذي الفقيد ميراث العيد. وأتبادل باحترام وجرأة الشباب الآراء والأفكار الفنية و الفلسفية مع الأستاذ الراحل بختي بن عودة.حكيت لطلبتي عن هؤلاء الذين علمونا أدب الحديث والإنصات ، وشحذوا أفكارنا وهممنا، ورويت لهم عن الذين تشربنا من قلوبهم الندية وعطاءاتهم وتضحياتهم حب المسرح والتمثيل من أمثال الراحل عبد القادر علولة، امحمد جليد، سيراط بومدين . بالإضافة إلى أدار وحيمور، بلكروي وغيرهم.استحسن طلبتي هذا الاستغراق النوستالجي، واستدركت في غمرة هذا الحكي الحلقوي جلساتي الطويلة مع استأذنا الكبير الفيلسوف بوخاري حمانة)شافاه الله ) الذي كنا نتحلق حوله أمسية كل يوم سبت بقسم الفنون ليحكي لنا مشاهداته و يومياته مع المفكرين والعلماء واالفنانين والإعلاميين بشكل روائي هزلي ماتع .تفطنت فجأة لشروع الشمس في الغروب، فاستأذنت جلسائي واتجهت صوب مخبزة الحي و المتجر المجاور، وقفلت راجعا إلى بيتي احمل خبزا وزيتونا، وأحلم مثل طلبتي بغد وردي لمسرح شبابي واعد، يحتضن بحق انشغالاتهم . ويستجيب لطموحاتهم وتطلعاتهم. يحتفي بكل صنوف التعابير الأخاذة، ويعبق بباقات التغاريد الجميلة.