هل من حق المهاجر غير الشرعي أن يطالب باسترجاع أملاكه أو ارصدته المالية في الخارج بعد طرده ؟ بادئ الأمر يتوجب علينا أن نحدد المصطلحات جيدا لتتبين المراكز القانونية للأشخاص المقصودين بالحديث، لأن المهاجر غير الشرعي أو بالأحرى الذي هو في وضعية غير قانونية بسبب خروجه من بلده أو دخوله بصفة مخالفة لتشريعات البلد المضيف، أي بشكل مخالف لشروط الإقامة في دولة اللاجئ أو النازح، تصرف فيه إخلال بالمركز القانوني للمعني ووضعيته في مواجهة القواعد القانونية المراد تطبيقها، بهذا فان حل مشكلة الإقامة بالطريقة القانونية يسهل مسار المطالبة بباقي الحقوق، وان كان التواجد في الدول الأوروبية ليس بتلك الطريقة البسيطة، ذلك أن الإقامة القانونية تتيح الحصول على عمل قانوني يتقاضى منه راتبا،وإمكانية فتح رصيد بنكي لإيداع أمواله والتملك بطريق قانوني،مما يغلق كل فرضية المساس بالحقوق، بينما الحالة العكسية تجعل المعني يعيش في حالة من الاختباء بعيدا عن الحماية التي تكفلها القواعد القانونية. أما عند مصادرة الأموال الخاصة فيمكن اللجوء إلى الهيئات القضائية،لأنه ثمة ضمانات ذات طبيعة قضائية وردت في نص المادة السادسة من الاتفاقية الأوروبية لحقوقالإنسان، ولم تخصص إن كان المقصود بالحق مواطنا أوروبيا أو غيره من الأجانب للحصول على محاكمة عادلة ويتاح له الاستعانة بمحام أو بمترجم مجانا، كما تنص بنود نفس الاتفاقية على الحق في التمتع بالممتلكات ولايحرم منها إلا في حالات خاصة حددتها النصوص. هل هناك اتفاقيات ومعاهدات دولية لتنظيم حركة الحراقة ؟-القانون الأساسي-؟على الإطلاق، لا يمكن تصور وجود اتفاقيات تنظيم السلوك المخالف للقانون، والأصل أن الموضوع يتعلق بطالب هجرة، يتطلب من دول المنشإ أن تعد السياسات الكفيلة بالحد من الظاهرة، في ذات الوقت الذي تسعى فيه الدول الأوروبية بالتنسيق مع دول جنوب المتوسط لوقف هذه الهجرة غير الشرعية بإيجاد مناخ يساعد على الحد من ظاهرة البطالة المرتبطة بها والتي تدفع بالشباب بل بمختلف الشرائح العمرية إلى اختيار خوض غمار الهجرة بدل التفكير في حلول أكثر واقعية، تجنبهم تعريضهم لمختلف أنواع المعاملة السيئة والمهينة بدعوى مكافحة الجرائم المنظمة. أما عن الإبعاد يكون للأجانب المقيمين بطريق غير شرعية أو نتيجة إخلالهم بقواعد النظام العام أو ارتكابهم لجرائم معاقب عليها، إبعاد يتم وفق شروط محددة دون المساس بالحقوق الأساسية التي ترافقها ضمانات واسعة يتوجب الاطلاع عليها وإدراكها. ومن بين الاتفاقيات المنظمة للحقوق الأساسية الاتفاقية الأوروبية لحماية الحقوق الأساسية واتفاقية شنغن زيادة على البروتكولات الملحقة بها . ماهو التكييف القانوني للحراق اليومفي القانون الدولي ، هل هو نازح أو لاجئ ؟ التحديد الدقيق يدفع بضرورة الرجوع الى قواعد القانون الدولي ومنها الاتفاقيات الدولية لحماية اللاجئين سواء لأسباب اقتصادية، سياسية أو غيرها ، ومادمنا أمام ظاهرة هجرة الغالب على مقاصدها الاتجاه نحو البلدان الأوروبية ، فان المجتمع الأوروبي في ظل الاتفاقية الأوروبية بين أعضائها يحفظ حرية الأشخاص وأمنهم من التوقيف أو الاعتقال التعسفي ويتيح لهم الحق في اللجوء إلى القضاء عن طريق الاستعانة بممثل قانوني للدفاع عن الحقوق. ضمانات تتراجع في حال اذا ما أدين الأشخاص قضاء أو كانوا متابعين في قضايا سابقة ، كما ان دخول تراب الدولة دون إذن من السلطات في حد ذاته فعل مدان ومعاقب عليه وفق قواعد الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. اتفاقية تحفظ حقوق المواطنين والأجانب والمقصود بهم الأجانب الذين يعبرون التراب أو يقيمون في دول الاتحاد بطريق شرعي . ودور مهم يلعبه القضاء سواء الوطني للدول الأعضاء أو الأوروبي من خلال المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أو ما يسمى بمحكمة ستراسبورغ بالاعتراف بالحق في اللجوء الى القضاء وبالحق في التقاضي، وقد يحكم لهم بالتعويض عن التجاوزات التي قد يكونون عرضة لها. هل من حق السلطات الجزائرية متابعة المهاجرين غير الشرعيين الذين يلجؤون إلى تقديم شهادات زور و وثائق مزورة تسيء لبلدهم الأصلي بحثا عن اللجوء ؟ طلب اللجوء نظرت إليه الاتفاقيات الدولية كحق إنساني يتوجب حمايته، لكن في الإطار اللائق دون الإقدام على مخالفة القوانين أو ارتكاب إساءات قد تترتب عنها مخالفات قانونية ومتابعات قضائية سواء بتزوير وثيقة سفر أو تأشيرة عبور أو تراخيص إقامة . فهناك قواعد دولية تعمم على غالب الدول فمثلا الجزائر نفسها بها قانون ونقصد به قانون 08-11 الذي ينظم حركة الأجانب داخل التراب الوطني وفي الحدود التي تربطهابغيرها من الدول، أي يحدد شروط الدخول و الإقامة والتنقل ويعطي صلاحيات للهيئات الأمنية والإداريةللتثبت من هوية الأشخاص، ويتيح لهم نفس القانون إمكانية الطعن في قرارات الترحيل، دون اللجوء إلى طرق المصادرة أو الحرمان من باقي الحقوق، وقد كان لنا في المثل الذي عرضته السلطات الجزائرية عند ترحيل الكثير من الأجانب بأمتعتهم وخالص أموالهم دون المساس بها أو مصادرتها. هل من حق الجزائر رفض دخول حراقة جزائريين يشكلون خطرا على أمن البلاد رغم إبرامها لاتفاقيات عودة المهاجرين كما حصل مؤخرا مع ألمانيا ؟ حق الدول اليوم يتقرر في تحمل مسؤولياتها كاملة حتى اتجاه رعاياها و إن أخطأوا، ما دام أن هنالك فرصة لاستعادتهم وسط ذويهم وإعادة تأهيلهم ليكونوا أفرادا صالحين في خدمة مجتمعهم ، بدل تركهم فريسة سهلة لظاهرة الهجرة وتوابعها.