بحلول يوم 17 ديسمبر يكون قد انقضى على ما سمّي اصطلاحا ب « الربيع العربي « ثماني سنوات ، حراك لم تحسم كل الكتابات الصحفية و التحاليل الأكاديمية موقفها من التعريف به و بالتالي تسميته تسمية صحيحة ، فبين الربيع و الانتفاضة و الحراك و الثورة زاد عمر ضياع العرب ثماني سنوات أخرى . من السذاجة أيضا القول بأنّ « الربيع العربي « كان طبخة عربية صرفة ، ليس تشكيكا في قدرة الشعوب العربية على الانتفاض و الثورة عندما يغور الألم داخل الجرح ، فالانتفاضة كانت عفوية و ازداد لهيبها بعد أن ضاقت الشعوب من وعود حكامها بأنّ المستقبل قادم بالمكتسبات و أنّ غدا لناظره قريب ، إنّ التفسير التآمري جاثم أيضا بكل ثقله فرغم أنّ الشعوب رأت في الخروج عن طاعة الحاكم السبيل الأخير للتحرر من قبضة الظلم الاجتماعي و التقسيم غير العادل للثروة و غياب الحرية و الممارسة السياسية بكل أبعادها ، رأت القوى التي تعمل لصالح نهب الثروة العربية و الساهرة على أمن كيان وضيع في قلب الوطن العربي الفرصة المواتية لضرب استقرار الوطن العربي بكل مؤسساته و افشال أداء السياسة و الأمن من أجل إعادة بسط ورقة طريق جديدة يتشكل من خلالها وطن عربي جديد - أو ما سيبقى منه - و إضعاف الأداء الخارجي للدول العربية و صد اهتمامها و دعمها للقضية الفلسطينية فإسرائيل تريد و تعمل على افشال محيط القضية من الخارج حتّى صارت دول عربية تقول بأنّ اسرائيل الغاصبة من حقها الدفاع عن وجودها . في 17 ديسمبر يطوّق الربيع العربي ثماني سنوات ، هرب حكّام و مات آخرون و سُجن بعضهم ، اندلعت « ثورات « تعددت حروبها ، أفرغت أوطان من بشرها ، اكتظت حدود أوربا باللاجئين و تبعثرت أوراق الإتحاد الأوربي في كيفية لملمة المشكل ، ازدهرت تجارة السلاح و افرغت خزائن العرب من أموالها فكل العرب يخافون من العرب و الدليل .. عرب يحاربون عربا تحت مسميات الطائفية و المذهبية ، و الولاياتالمتحدة تنهل من أموال تسليح العرب و تغدق العطايا على اسرائيل الاحتلالية من أجل مفاعلها النووي و الاحتماء من الفلسطينيين أو ما بقي من القضية التي تواجه أعنف مواقفها في عهد إدارة ترامب الذي أفشل خطة السلام .