يحي نهار اليوم سكان ولاية عين تموشنت أحداث التاسع من شهر ديسمبر و التي مرت عليها 58 سنة إذ تعتبر منعرجا هاما و محطة أساسية في مسار ثورة نوفمبر الخالدة ، فهذه الأحداث احتضنتها مدينة عين تموشنت لترد على شارل ديغول بأن الجزائر جزائرية و ستبقى كذلك ، لذا كان هدف الزيارة و توقيتها و تحديد مكانها قد درس بشكل دقيق فسارعت السلطات الفرنسية للإعداد لتلك الزيارة و تحويل الرأي العام الداخلي و الخارجي عن متابعة القضية الجزائرية بالأمم المتحدة ، و عمد الاستعمار لطمس الحقائق محاولا إبراز ظهور مزيف و تأييد مزعوم و موهوم به و كأن الجزائريين مؤيدين للبرنامج *الديغولي* و ما يحمل في طياته من دسائس حيث كان يبدو للمعمرين أن هذه المنطقة آمنة بعد قضاء المعمرين على المنطقة الثالثة و التي كانت عين تموشنت و وهران من بين نواحيها أواخر سنة 1958 و لكن و بعد القضاء على المنطقة الثالثة تم تقسيمها في الحين إلى أربع مناطق منها المنطقة الثانية التي أضيفت لها عين تموشنت ، المالح ، العامرية ، حاسي الغلة ، بوتليليس و نصف وهران . وكانت عين تموشنت نقطة التماس ما بين المنطقة الثانية و الخامسة يفصلهما الطريق الوطني سابقا الذي كان يشق مدينة عين تموشنت ، و على هذا الأساس اختيرت المدينة كمرحلة أولى للزيارة ثم وهران و مستغانم كمرحلة ثانية و نظرا لكثافة سكان الاستعمار الاستيطاني الأوروبي و توفير إمكانية حماية ديغول فيها إذ تطورت الأحداث في الاتجاه المعاكس لأهداف الزيارة . قررت قيادة المنطقة الثانية بالولاية الخامسة و بالتنسيق مع تنظيماتها السرية تحريك خلايا النضال و زعزعة الجماهير الشعبية للقيام بمظاهرات 9 ديسمبر بعين تموشنت و يوم 10 ديسمبر بوهران و مستغانم ، فهذه المظاهرات جاءت لتحطم كل الإجراءات العسكرية و الأمنية التي سخرتها عقول جنرالات فرنسا الإستعمارية و القول للعالم و قوى التحرر إن الجزائر الفرنسية مجرد وهم تولد عن الإحساس بالكبرياء و كرسته عقدة التعالي لدى الاستعمار بين الفرنسيين أمام شعب كان يعتبر مجرد مجموعات أهالي . فسكان عين تموشنت عندما كسروا طوق الإجراءات العسكرية الأمنية تحت قيادة جبهة التحرير الوطني لم يفعلوا ذلك من أجل مدينتهم بل كان ذلك من أجل الجزائر كلها ، و أن الأعلام التي رفعت هي العلم الوطني في وجه ديغول و المرافقين له من مدنيين و عسكريين و أمام وسائل الإعلام و الصحافة العالمية و الوطنية و الجهوية ، و رفع أصوات الجماهير المرددة لشعارات : * تحيا الجزائر حرة مستقلة ، تحيا الجزائر العربية المسلمة ، يحيا جيش و جبهة التحرير الوطني ، تحيا الحكومة المؤقتة ..* هذه الأحداث أفزعت القادة الفرنسيين و هم الذين سبق لهم أن أعدوا العدة و حضروا لزيارة ديغول بالتواطؤ مع المعمرين لتنظيم مظاهرات لتأكيد وجودهم الإستيطاني رافعين لافتات كتبت عليها : * تحيا الجزائر الفرنسية ، الجزائر فرنسية * كما عملوا على إجبار بعض الفئات الإجتماعية من الجزائريين و خاصة القصر و الشيوخ و النساء للمشاركة معهم بالقوة و الغصب بعين تموشنت ووهران وجندوا بعض المرتزقة لإظهار الجزائريين في الواجهة الأولى للمظاهرة و كأنهم مؤيدون لهم أمام أنظار الرأي العام العالمي . و هذه الأحداث كانت بداية سلسلة من المظاهرات التي عمّت عدّة ولايات .