في واحدة من محطات الفخر التي تعتز بها ثورة التحرير الجزائرية ،كانت مظاهرات التاسع ديسمبر 1960 بمدينة عين تموشنت والتي امتدت إلى 11 ديسمبر عبر الوطن الفصل الأخير في سياسة الهذيان الذي انتاب الجنرال ديغول وكل الفرنسيين الحالمين بأكذوبة *الجزائر فرنسية* وهو المشروع الذي ظل ديغول يروج له و جاء من أجل اقناع الجزائريين به وما المظاهرات الشعبية العفوية التي قمعها البوليس الاستعماري إلّا دليل آخر على سمو التضحية التي قدمها الجزائريون من أجل الحرية و الاستقلال رغم نير الاحتلال الذي عاث في الأرض و عات فيها ما يزيد عن قرن ، فوُلد جزائريون كُثر وماتوا تحت سيطرته لا يعرفون للإنعتاق معنى. تمر اليوم ثمانية و خمسون سنة على الحدث التاريخي لكن عند تقليب الذاكرة والبحث بين طياتها ترتسم أمامك صور البؤس والشقاء اللذين عانى منهما الجزائريون وسلسلة الاعتقالات والسجن والتشريد التي لم تستثن حتى الأطفال في خرق صريح لكل المواثيق وقوانين الحروب وحماية المدنيين، خاصة وقد ثارت ثائرة المستعمر عندما أشهر الجزائريون الأعلام الوطنية في وجه المستعمر وهتفوا بحزب جبهة التحرير الوطني الذي علّمهم النضال وزرع في أفئدتهم حب الأرض التي لا تباع و لا ترهن مهما بلغت المساومات. وكم كان الهول صادما لفرنسيي الداخل و الخارج عندما تحولت أحداث عين تموشنت إلى الشرارة التي ألهبت سكان مدن أخرى كوهران و تلمسان و بلعباس و الجزائر و عنابة و قسنطينة و غيرها من الأماكن التي ظلت وفية لخط جبهة التحرير الوطني حاملة لواء الثورة والاستقلال .