الدولة الحديثة تبنى على المؤسسات والقيادة الجماعية في التسيير واتخاذ القرارات فلا مجال للزعيم الملهم الذي يقرر لوحده في كل كبيرة وصغيرة دون استشارة او مشاركة من أحد فسياسة الدول ذات الانظمة الديمقراطية تصنع في مراكز الفكر والجامعات ثم تحول الى برامج يتولى الرئيس التصريح بها وتوضيحها وتنفيذها بعد ان يتم قبولها على المستوى الرسمي والشعبي من أحزاب سياسة ومنظمات والترويج لها في وسائل الاعلام والدعاية وتحاول الدول العربية السير باحتشام على طريق الديمقراطية وبشق الانفس لعلها تنال رضا دعاة حقوق الانسان ورغم كل المحاولات والخطابات والقوانين والاجراءات فإن الكلمة العليا ماتزال للسيد الحاكم والزعيم والقائد الملهم الذي يتحمل مسؤولية حماية الوطن ووحدة شعبه وباعث نهضته الموعودة وكل شيئ مرهون بوجوده على رأس السلطة والحكومة والبرلمان و الحزب الحاكم تحت اشرافه وتستلهم من برنامجه وافكاره . وقد ظهرت في العالم العربي شخصيات ملأت الدنيا وشغلت الناس كما قال الشاعر المتنبي مادحا سيف الدولة الحمداني ومن اهم تلك الزعامات التي كان لها مواقف عربية ودولية الرئيس المصري جمال عبد الناصر الذي شارك في تأسيس حركة عدم الانحياز سنة 1955واجلاء الانجليز من قناة السويس ومناداته بالاشتراكية والوحدة العربية ومعاداة الامبريالية والاستعمار والصهيونية ودعم الثورة الجزائرية بقوة ودخلت مصر ثلاثة حروب في عهده (العدوان الثلاثي من فرنسا وبريطانيا واسرائيل سنة 1956وحرب اليمن وحرب جوان 1967التي انهزمت فيها الجيوش العربية وفقدت فلسطين وسيناء والجولان ومع ذلك ما يزال الفكر الناصري حيا في مصر وبعض البلدان وفي الجزائر كان للرئيس هواري بومدين دورا كبيرا في افريقيا والعالم العربي والعالم لدعمه لحركة التحرر والوقوف مع فلسطين ظالمة او مظلومة وترأس حركة عدم الانحياز والمطالبة بنظام اقتصادي عالمي جديد وادخال اللغة العربية للامم المتحدة وقد اعتبرت الجزائر قبلة الثوار في عهده وحققت البلاد انجازات كبيرة في التعليم والصحة والصناعة ونال شعبية واسعة فكان من الشخصيات القوية ذات الكاريزما وفي السعودية كان للملك فيصل دورا كبيرا ايضا وقد ساهم في قطع النفط عن الدول التي دعمت اسرائيل في حرب اكتوبر 1973وتعرض للاغتيال على يد أحد أقاربه وفي العراق كان للرئيس صدام حسين دورا كبيرا وتميز بالقوة والصرامة وكون جيشا قويا واحدث نهضة في العراق لكنه ودخل في حرب مع إيران ثم احتل الكويت ورفض الخروج منها فشكلت امريكا تحالفا دوليا من 33 دولة شاركت في حرب تحرير الكويت وتدمير العراق طبعا تلاها حصار وعقوبات ثم الاحتلال الامريكي سنة 2003 ومحاكمة صدام الذي ضرب اسرائيل بالصواريخ واعدامه وفي ليبيا لعب القائد معمر القذافي دورا كبيرا بسياسته ومواقفه المعادية للاستعمار والمناصرة للشعوب العربية والافريقية وقد تضامن مع الجزائر عندما اممت بترولها وتعرضت ليبيا للاعتداء الامريكي في عهد الرئيس رونالد ريغان كما دخل في نزاع مسلح مع مصر وتشاد وبعد أن يئس من الحكام العرب اتجه الى القادة الأفارقة وقدم مساعدات هامة للدول الافريقية الفقيرة وقد استغل اعداؤه ثورات الربيع العربي فاثاروا الشعب ضده وشارك الحلف الاطلسي في الاطاحة به واغتياله وسرعان مااكتشف الليبيون الخديعة فندموا على ايام القذافي وما كان فيها من وحدة وامن واستقرار ورفاهية عيش ونكتفي بهذه النماذج رغم وجود شخصيات اخرى كالسادات وبورقيبة والحسن الثاني والملك حسين وياسر عرفات الذي كان رمزا للقضية الفلسطينية والشيخ زايد بن سلطان آل النهيان الذي وحد الامارات العربية في دولة وحولها من صحراء قاحلة الى جنة وقد جاء جيل جديد بعد أولئك الزعماء حاولوا أن يسيروا على نهج أسلافهم لكنهم لم يوفقوا لأن العالم قد تغير وما كان يصلح في الماضي لايصلح الآن ولابد من التكيف مع المستجدات من أجل البقاء