مضى عهد الزعماء الذين تركوا بصمات راسخة في مسار السياسة العالمية، سواء في العالم العربي أو الغربي، وأضحت الممارسات السياسية تفتقد لشخصيات كاريزماتية تضع بثقلها على مسرح الأحداث، وتتمكن من التأثير على الرأي العالمي في كل قضاياه المصيرية،. نعم، كان بورقيبة وناصر وبومدين، (..) وكان هناك زعماء في العالم الآسيوي مثل نهرو، سوكارنو وتيتو ، كان هؤلاء حينما يتكلمون، يرافعون باسم شعوب العالم الثالث، منافحين عن قضاياه العادلة، وكان مبنى مانهاتن يهتز، لدوي خطاباتهم، بما كانوا يجسدونه من قوة التأثير بالكلمة والحضور القوي في المحافل الدولية، إن سياسيين اليوم في البلدان، لا سيما من الجيل الجديد، لم يستطيعوا تأكيد مكانة شعوبهم في تيار العولمة الجارف، فما وجه المقارنة مثلا بين أوباما والرؤساء السابقون، وما كرون والأولين في بلاده ووو... الكاريزما هي القاعدة الصلبة «لتمثال» السياسي فلا يمكن له ولوج هذا البحر المتلاطم دون شخصية ضاربة في الفكر والحصافة وتقدير العواقب. قد يقول قائل أن أحداث القرن الماضي أنتجت زعماء على مقاسها في البلاغة والدفاع عن الانشغالات والطموحات، لكن لا الأرض تغيرت، ولا توقفت عن الحركة ولا العالم نضبت مآسيه حتى يعقم عن إنجاب الأفذاذ، فقط رحلة البحث ستتواصل عبر القارات لعل النهر سيكون أوفر حظا من اليم.