صحيح أن الجمود غير محمود و تأثيره معطل لرقي الذات و تنمية العقل على الصعيد الشخصي أما على المستوى المجتمعي فحدث و لا حرج فهو مرادف للموت السريري و باب مفتوح على مصراعيه للتخلف و التقهقر و التراجع في كل المجالات لعدم تماشيه مع سنن الكون التي من طبيعتها التحرك و التغير و التطور و بالتالي فإن عبارة « يا حسراه على أيام زمان « تمثل سلاحا ذو حدين فإن كان المقصود منها مجرد الحنين إلى ذكريات الطفولة و الشباب لمن عايشوا تلك الفترة فلا لوم على أحد أما إن كانت الغاية من اجترار هذه الحروف هو محاولة العودة و بث الروح في الماضي بشكله و أدق تفاصيله فهذا نوع من أنواع الهروب ليس إلى الأمام و إنما إلى الخلف و هو دليل عبث و فشل و جبن في مواجهة تحديات اليوم . صحيح أن الذي ليس له ماض يستند إليه في تمييز الصواب من الخطإ لن يفهم حاضره و لن يستقرأ مستقبله لكن في نفس الوقت فإن الإقامة في الماضي هي إلغاء للحاضر و المستقبل و نحن غير مطالبين باختراع العجلة من جديد فقد اخترعتها أمم أخرى جمعت فيها بين الأصالة و المعاصرة فلا هي أمة لقيطة لا أصل لها و لا هي حبيسة الحنين المرادف للجمود .