لقد تحولت الهجرة السرية إلى مشكلة معقدة وظاهرة اجتماعية خطيرة ومأساة إنسانية نظرا لمعاناة هؤلاء المهاجرين غير الشرعيين خلال رحلاتهم المحفوفة بالمخاطر وما خلفته من ضحايا يقدر عددهم بالآلاف الذين فقدوا حياتهم بعد أن غرقت بهم قوارب الموت التي تفتقد إلى أدنى شروط والراحة فألقت الأمواج العاتية بجثثهم على الشواطئ وتركت عائلاتهم في حزن وكم من شاب كان يعيش وسط عائلته مكرما محترما أغرته شياطين الهجرة فغاب وانقطعت أخباره ولا يعلم مصيره. قد نجد عذرا لأولئك الذين يعانون في أوطانهم من الفقر والمجاعة والحروب والاضطرابات الاجتماعية لكننا نتساءل عن الدوافع التي تجعل الكثير من شبابنا يفكرون في الهجرة وفيهم عائلات تحمل أطفالها الصغار رغم الأخبار والصور التي تنقلها يوميا وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي عما يعيشه المهاجرون السريون والنكبات التي يتعرضون لها والمعاملة السيئة في الدول التي يقصدونها وعمليات التجميع في المراكز والطرد والترحيل الإجباري. اعتقد جازما أن هذا الوطن لو أحسن العمل فيه سيضمن لنا العيش الكريم والمستقبل الزاهر لما يتوفر فيه من مساحة شاسعة وإمكانيات مادية وبشرية وثروات وموقع جغرافي فلماذا لا نحسن النية ونكافح من أجل تعميره وتنميته بدل أن نرهن جهودنا لبناء أوطان الآخرين. لقد حاولت الدولة الحد من الهجرة حفاظا على حياة المواطنين وكرامتهم وساعدت الشباب بالتكوين والتعليم والقروض الميسرة تشجيعا لهم على العمل والنشاط لكن هاجس الهجرة تحول إلى مرض نفسي واستبد بعقول الكثير من أبنائنا الذين عليهم أن يراجعوا أنفسهم واستغلال الفرص المتاحة لهم في وطنهم.