خرج عفريت الغلاء من القمقم مع بداية التحول من النظام الاشتراكي إلى اقتصاد السوق بتخفيض قيمة صرف الدينار وتحرير السلع والبقاء على بعض السلع المدعمة كالخبز الحليب السائل وذلك بإصدار قانون 1990 وتحرير التجارة الخارجية حيث ينحصر دور أعوان مراقبة الأسعار وقمع الغش في أمور شكلية بالنسبة للمواطن مثل مراقبة الفاتورات وإشهار الأسعار والسجلات التجارية وصلاحيات المواد المعروضة للبيع والتاجر حر في فرض السعر الذي يريد حسب قانون العرض والطلب(...). وهكذا أطلقت أيدي التجار والصناع فراحوا يرفعون ويرفعون الأسعار وتحول أكثر الموظفين والعمال إلى موزعي بريد يستخرجون رواتبهم الشهرية ليسلموها للتجار ومؤسسات الماء والكهرباء والسكن وصار ثمن الكيلو من اللحم بثمن خروف عند غيرنا وحتى المواد المستوردة فسعرها عندنا أعلى منه لدى دول غربية مثل القهوة فقد وجدت مؤخرا سعر غلبة قهوة مطحونة 0.30 أورو في فرنسا والكيلو منها ب 1 أورو فقد وثمن العلبة عندنا 180 دج وسعر السكر الذي يباع عندنا 85 دج لا تتجاوز قيمته عندهم 45 دج ولا أتكلم عن الخضر والفواكه المتشبعة بالمواد الكيماوية والمسقية أحيانا بالمياه الملوثة والتي تستنزف جيوبنا فكيف لا يأتي الطاعون والجليد والجرذان لتنتقم للفقراء والضعفاء من معذبيهم في أسبانيا توجد التعاونيات الفلاحية التي تتعاقد مع الفلاحين فتقدم لهم البذور والأدوية والأسمدة والآلات مقابل تقديم إنتاجهم لها لتحمله إلى أسواق الجملة لتموين تجار التجزئة الذين لهم سجلات تجارية فقط ويتم تحديد هامش الربح يوميا والمراقبة شديدة لتسجيل المخالفات وتسليط الغرامات المالية على مرتكبيها فأين نحن من أسبانيا اقتصاديا وصناعيا حتى نترك الحرية المطلقة للتجار دون قيد أو شرط ليتهم غول الغلاء كل شيئ ؟