معلوم أن لا جريمة و لا عقوبة إلا بنص قانوني يحدد ماهية الفعل المجرم و ركنه المادي و قصده الجنائي و تكييفه إن كان جناية أو جنحة أو مجرد مخالفة و حدود الجزاء و الجهة القضائية المخولة بالفصل فيه بعدما يتم توقيف مرتكب هذا الفعل من قبل جهات أمنية وفق إجراءات محددة حتى تبقى راية دولة القانون ترفرف عاليا ، لكن في زحمة الحياة الناشئة من عقبات و مثبطات هناك ظواهر و مظاهر مشينة يرفضها المنطق و العقل و الفطرة الإنسانية السليمة و تتأفف منها الأخلاق النبيلة إلا أنها و لفرط تكررها و تعددها بشكل يومي في كل زاوية من زوايا مدننا فقدت وقع الاستغراب في الأنفس و أضحت من مسلمات الحياة ، إنها « البلطجة « بكل أنواعها و التي يمارسها الكثير كل حسب تخصصه و مجال عمله ابتداء بالسياسي مرورا بالإعلامي و المربي و انتهاء بمن يحمل عصا عند مواقف الحافلات و ركن السيارات و الويل لمن عصى . إن منسوب تحضر أي مجتمع مرتبط بالأساس بمدى ترجمة قوانينه إلى سلوكيات و تعاملات يومية تحفظ الحقوق الجماعية دون أن تدوس على الفردية و على أن يكون الرقيب الأول هو الضمير ، لكن للوصول إلى هذه المرتبة المثالية لا بد من جهد جهيد و نفس طويل على تكوين أجيال قادمة تسهر مؤسسات التنشئة الاجتماعية على تكوين شخصيتها و تطعيم فكرها بمنطق القانون و أن تتعب المؤسسات الرسمية المستقلة على تقديس قاعدة أن الجميع ملتزمون و محاسبون بالقانون لا فرق بين « بلطجي « صغير و لا كبير ، أما و إلا فسيبقى صاحب العصا يلوح بها ليل نهار عند محطات الحافلات و عند ...